المعجزة وقانون العلية

19:20 - 2017/01/15

لاتتعارض المعجزة مع قانون العلية؛ ومن حيث أن الناس لايعرفون علة المعجزة، تصوّر بعضهم أنها تتعارض مع قانون العلية فأنكروا المعجزة لذلك.

المعجزة، قانون العلية

منذ سنين ويُطرح هذا السؤال وهو أنه هل تنقض المعجزة قانون العلية أم لا؟ لأن حسب قانون العلية، كل معلول يطلب العلة الموافقة له [1] ومن جانب آخر، المعجزة أيضا أمر خارق للعادة لم يتم التعرّف على علته [2] إذا بين قانون العلية وخرق العادة في المعجزة، تعارض؛ ولأجل هذا تصور البعض أن المعجزة أمر غيرمعقول. لذا لن تتحقق في الخارج أبدا.

من أجل الإجابة على هذا السؤال يجب أن نقول: ليس هناك أي تعارض بين المعجزة وقانون العلية أبدا؛ لأن المستفاد من قانون العلية [3] هو أنه لابد لكل حادث من أجل التحقق، من علة. ولكن هذا القانون لايدعي أن العلة منحصرة في القوانين الطبيعية والمعروفة عند البشر. فللمعجزة أيضا توجد علة وتابعة لقانون العلية وإن كنا لانستطيع الوصول لتلك العلل. ولكن عدم الوصول لهذه العلل، ليس دليلا على عدم وجود العلة. [4]

في تحليل هذا الكلام يجب أن يقال أن العلية على نحوين:
1. أحيانا؛ العلية تكون موافقة للقوانين المادية والطبيعية المعروفة.
2. أحيانا؛ تكون العلية غيرمادية وعلة الشيء تكون حينئذ غيرمألوفة لدى البشر.
المعجزة أيضا تتّبع القوانين غير المادية. مثلا: المجتمع البشري لن يتمكن بصورة طبيعية من كشف علة تبدّل العصا إلى حية؛ أو أنه كيف يمكن بالنفخ على الطين اليابس، يصبح ذلك الطين اليابس حيّا.

الملاحظة المهمة
أساسا المعجزة تقتضي أن لاتكون في إطار القوانين الطبيعية والمادية؛ لأن الذي يأتي بالمعجزة يدّعي النبوة ويدّعي أنه آتٍ من قِبَل الله تبارك وتعالى وأنه يحمل رسالة من الله جل وعلى. ولأجل هذا، فلو تمكن سائر الناس أيضا من الإتيان بعمل يشبه عمل ذاك النبي طبقا للقوانين الطبيعية، لما أمكن التعرّف على النبي من غير النبي. إذا من حيث أن المعجزة طريقة لمعرفة النبي من غير النبي، يجب أن تكون خارقة للعادة وأن لايتمكن البشر العادي من الإتيان بمثلها لكي يستيقن سائر الناس أن الله تبارك وتعالى أعطى هذا المدّعي قدرة خاصة حتى إستطاع الإتيان بهذه المعجزة؛ إذا المعجزة تدل على صدق مدعي النبوة.
نظرا لما تقدم، ليس بين المعجزة وقانون العلية أي تعارض. وهذا الفهم الخاطئ حصل من نظرية فاسدة تدّعي أن العلل منحصرة بما تَمّ كشفه بصورة علمية وتعرّف عليه البشر. أيضا يمكن القول أن المعجزة تقتضي أن لا تكون متناسبة مع القوانين الطبيعية والعادية. [5]

‏المصادر
[1] «العلة عند الحكماء ما يتوقف عليه وجود الشي‏ء و يكون خارجا و مؤثرا فيه‏» جميل صليبا، المعجم الفلسفي‏، الشركة العالمية للكتاب‏، بيروت‏، 1414 ه، ص95
[2] «نعني بالمعجزة ثبوت ما ليس بمعتاد أو نفي ما هو معتاد مع خرق العادة و مطابقة الدعوى. و لا بد في المعجز من شروط: أحدها أن يعجز عن مثله أو ما يقاربه الأمة المبعوث إليها.» العلامه الحلي، كشف المراد في شرح تجريد الاعتقاد، مؤسسة النشر الإسلامي،‏ قم‏، 1413 ق، ص350
[3] للتعرف على قانون العلية يمكنكم مراجعة كتاب المنهج الجديد فى تعليم الفلسفه لآية الله الشيخ مصباح اليزدي و ترجمة السيد محمدعبدالمنعم الخاقانى.
[4] مكارم الشيرازي، نفحات القرآن، الناشر مدرسة الإمام علي بن أبي طالب(ع)، ج‏7، ص232
[5] لمزيد الإطلاع على العلاقة فيما بين المعجزة و قانون العلية يمكنكم الرجوع إلى، نفحات القرآن، آیة الله مکارم الشیرازي، مدرسة الإمام علي بن أبي طالب(ع)‏، 1426 ه، ج7، ص230-236؛ أو مجموعة رسائل العلامة الطباطبائي‏، موسسه بوستان كتاب‏(حديقة الكتب)، 1387ش، ج1، ص250

كلمات دلالية: 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
3 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.