-التوسل بالنبي صلى الله عليه وآله من الأمور التي مازالت جارية بين المسلمين منذ بداية الإسلام وحتى القرن السابع عند ظهورابن تيمية ولم ينكره أحد، لكن ابن تيمية منعه بفكره المتطرف وتبعه الوهابيون متأثرين بسوء فهمه، واعتقدوا التوسل مخالفا للتوحيد، لدرجة أن من يعتقد بالتوسل يزول ايمانه ويصبح أسوأ من أبي لهب وأبي جهل.
كان لمشركي قريش أسوأ عداوة للإسلام وشخص الرسول صلى الله عليه وآله لدرجة أنهم ليس فقط لم يعرقلوا نشر الإسلام، بل حاولوا الاعتداء على حياة رسول الله صلى الله عليه وآله وحدث ذلك مرات عديدة. أنهم أرادوا فيها قتل الرسول صلى الله عليه وآله، وأبو لهب وأبو جهل من ألد أعداء الإسلام والنبي صلى الله عليه وآله ، والذين أدانهم القرآن وخلدهم في النار. لكن بعض الكتاب الوهابيين الجهلة ،قام بتشبيه سخيف فقارن المسلمين الذين يتوسلون برسول الله صلى الله عليه وآله، بهذين العدوين الكبيرين للإسلام ،وادعى أن إيمانهم أعلى من هؤلاء الذين يتوسلون برسول الله صلی الله عليه وآله.
إن الوهابية فرقة ضالة منحرفة، وبسبب سوء ادراكهم للمفاهيم الاسلامية، كفّروا المسلمين مما سبب انقسامات في المجتمع الإسلامي. هذه الجماعة تسعى دائما في بث الشبهات لابعاد المسلمين عن عقائدهم الحقة ، وجرهم الى عقائدهم الضالة بتقسيم التوحيد الى اقسام ما انزل الله بها من سلطان،هؤلاء يزعمون أن المشركين في بداية الإسلام كانوا موحدين يعترفون بالله، وفي بعض الحالات يكون توحيدهم أعلى من توحد المسلمين الحاليين.
انه في كتاب "كيف نفهم التوحيد" يورد كلام المعترض كيف تقولون: «أبوجهل وأبولهب ومن على دينهم من المشركين، كانوا يؤمنون بالله ويوحدونه في الربوبية خالقاً ورازقاً، محييا ومميتا، ضاراً ونافعاً، لا يشركون به في ذلك شيئاً، عجيب، وغريب، أن يكون أبوجهل وأبولهب، أكثر توحيداً لله وأخلص إيماناً به من هؤلاء المسلمين الذين يقولون لا إله إلا الله محمد رسول الله؟؟" ثم يجيبه صاحب الكتاب: «فقلت له: ليس هذا عجيبا ولا غريبا، بل هذا هو الواقع الذي ستعرفه»..الخ [1]
لقد تغافل هذا الوهابي عن المحور الرئيس للضلالة، وهو أنّ هناك فرقاً جلياً بين المسلمين وعبدة الأوثان والأصنام، فإنّ المسلمين يعبدون اللّه وحده، ولا يتوجّهون إلى النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ إلاّ بقصد أن يدعو لهم عند اللّه، ويشفع لهم عنده، وأين هو من عبدة الطاغوت الذين كانوا يعبدون الأصنام ولا يعبدون اللّه، ويتوجهون إليها على أنها آلهة تملك ضرهم ونفعهم، وما هذه إلاّ مغالطة مفضوحة، وقد تكررت هذه الظاهرة في أكثر مؤلفات الوهابية، ففي كتاب كشف الشبهات الّذي فرض تدريسه على علماء الحرمين في بعض الفترات الّتي شهد لها التاريخ، حيث يقول في حق النبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ : «أرسله إلى أُناس يتعبّدون ويحجّون ويتصدقون ويذكرون اللّه كثيراً، ولكنهم يجعلون بعض المخلوقات بينهم وبين اللّه، يقولون نريد منهم التقرب إلى اللّه، ونريد شفاعتهم عنده، مثل الملائكة و عيسى و مريم وأُناس غيرهم من الصالحين[2] .
ويقول: "أن مشركي زماننا أغلظ شركا من الأولين لأن الأولين يشركون في الرخاء ويخلصون في الشدة، ومشركو زماننا شركهم دائما في الرخاء والشدة، والدليل قوله تعالى: {فَإِذَا رَكِبُوا فِي الْفُلْكِ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ فَلَمَّا نَجَّاهُمْ إِلَى الْبَرِّ إِذَا هُمْ يُشْرِكُونَ}"[3]
ولا يريد من قوله «إنّ مشركي زماننا أغلظ شركاً...» إلاّ المسلمين عامة، وذلك لأنهم يتوسلون بالنبي ـ صلَّى الله عليه وآله وسلم ـ في شدتهم ورخائهم، ولذلك صاروا عنده أغلظ من مشركي عهد الرسالة .
[1] . كيف نفهم التوحيد، ص 12
[2] . كشف الشبهات: ص 3 .
[3] . ثلاثة الأصول وشروط الصلاة والقواعد الأربع (ص47)