- حاول بعضهم أن يدعي أن أبا بكر أول من أسلم ، وهذا غير صحيح لعدة أدلة نذكرها .
لتفنيد تلك المزاعم نشير إلى ما يلي :
1 - روى الطبري عن محمد بن سعد قال : قلت لأبي : أكان أبو بكر أولكم إسلاماً . فقال : لا ، ولقد أسلم قبله أكثر من خمسين ..[1]
2 - روي عن علي « عليه السلام » أنه قال : « أنا الصدِّيق الأكبر ، والفاروق الأول ، أسلمت قبل إسلام أبي بكر ، وصليت قبل صلاته ».[2]
وقد ثبت في الأحاديث : أن علياً « عليه السلام » صلى مع النبي « صلى الله عليه وآله » قبل الناس بسبع سنين وأشهراً.[3]
فجاء آخرون ، فأثبتوا مثل هذه الفضيلة وأزيد منها لأبي بكر ، فقال النووي : « كان أبو بكر أسبق الناس إسلاماً ، أسلم وهو ابن عشرين سنة . وقيل : خمس عشرة سنة ».[4] وقال الصفوري الشافعي : « وكان إسلامه قبل أن يولد علي بن أبي طالب ».[5]
ومستندهم في ذلك ، الرواية التي ذكرها الدياربكري عن ابن عباس وهي تحكي لنا قصة بحيرا ، جاء في آخرها قوله : فوقع في قلب أبي بكر اليقين والتصديق قبل ما نبي « صلى الله عليه وآله ».[6] وما رووه عن أبي موسى الأشعري ، من أنه لما سافر النبي « صلى الله عليه وآله » مع عمه أبي طالب إلى الشام ، ونزلوا على بحيرا ، عرفهم بحيرا الراهب ، وألح على عمه أبي طالب بأن يرجعه إلى مكة ، فرده ، وبعث معه أبو بكر بلالاً.[7] وتيقن أبو بكر بنبوته منذئذٍ . لكن ذلك لا يمكن أن يصح ، وذلك لما يلي :
أولاً : إنهم يقولون : إن عمر النبي « صلى الله عليه وآله » آنئذٍ كان أحد عشر سنة ، بل قيل : كان عمره تسع سنين.[8]
ويقولون أيضاً : إن النبي « صلى الله عليه وآله » كان أسن من أبي بكر بأكثر من سنتين ، وأبو بكر كان أسن من بلال بعدة سنين تتراوح ما بين خمس إلى عشر سنوات.[9]
فلعل بلالاً لم يكن ولد حين سفر النبي « صلى الله عليه وآله » إلى الشام ، فكيف يقال : إن أبا بكر الذي كان آنئذٍ طفلاً كان في ذلك السفر ، وأنه أرسل بلالاً مع النبي « صلى الله عليه وآله » كي يوصله إلى مكة ؟ !
ثانياً : إن بلالاً لم يكن له أي ارتباط بأبي بكر ، وإنما كان يملكه أمية بن خلف ، فإن كان أبو بكر قد اشتراه - كما يزعمون - فإنما حصل ذلك بعد ثلاثين عاماً من ذلك التاريخ .[10]
ثالثاً : صرح بعض المؤرخين : بأن أبا بكر لم يكن في ذلك السفر أصلاً ، ولعله لأجل ذلك قال الذهبي عن هذا الحديث : أظنه موضوعاً ، بعضه باطل[11] . . وشكك فيه ابن كثير ، وحكم عليه الترمذي بالغرابة .
المصادر:
[1] - تاريخ الأمم والملوك ( ط مؤسسة الأعلمي ) ج 2 ص 60
[2] - شرح نهج البلاغة للمعتزلي ج 4 ص 122
[3] - مستدرك الحاكم ج 3 ص 112
[4] - الغدير ج 7 ص 272.
[5] - نزهة المجالس ج 2 ص 147.
[6] - تاريخ الخميس ج 1 ص 261.
[7] - الثقات لابن حبان ج 1 ص 42
[8] - البداية والنهاية ج 2 ص 286
[9] - الإصابة ج 1 ص 65 عن أبي نعيم
[10] - تاريخ الخميس ج 1 ص 259 عن حياة الحيوان
[11] - تاريخ الخميس ج 1 ص 259