هل ترك الرسول أمته هملا؟!

قد تظافرت الروايات عن النبي صلى الله عليه وآله أنه أخبر عن الفتن التي ستواجهها الأمة من بعده حتى قال: لفتنة بعضكم أخوف عندي من فتنة الدجال"[1] كما استفاضت الاخبار منه بالفتن المقبلة كقطع الليل المظلم[2].

فالاخبار في هذا المجال كثيرة في ان النبي صلى الله عليه وآله قد اخبر بما تُمنى به أمته من الانقلاب على الاعقاب وما تُصاب به بدينهم من الانحراف، وبهذه الاخبار و هذه الاحاديث كيف يليق بالرسول الاعظم صلى الله عليه وآله أن يترك أمته بدون راع مع العلم أن الوصية من أبسط الاشياء من كل انسان يرى اختلاف اهله وما يتعلق به الناس بعد وفاته.

ثم كيف يتم توجيه ما نقل أن عائشة بعثت الى عمر بن الخطاب حين طعن تقول له: استخلف على أمة محمد ولا تدعهم بعدك هملا فإني اخشى عليهم الفتنة.[3]

وعبد الله بن عمر يدخل على ابيه حين طعن فيقول له: إن الناس زعموا أن أنك غير مستخلف، وأنه لو كان لك راعي ابل أو راعي غنم ثم جاءك وتركها، رأيت أنه قد ضيع، فرعاية الناس أشد.[4]

إنه صلى الله عليه وآله حكيم لا يترك أمته هملاً

أفهل يُعقل أن هؤلاء أعطف من رسول الله صلى الله عليه وآله الذي أرسل رحمة للعالمين؟ وما توجيههم لحديث الثقلين الذي أراد النبي صلى الله عليه وآله لأمته عدم الضلال بالرجوع الى الكتاب والعترة الطاهرة.

فهذه الاقوال التي تنادي بعدم استخلاف رسول الله صلى الله عليه وآله لأحد من بعده ما هي الا حفاظا على أعمال وأقوال ابي بكر وعمر حيث قال: "وإني إن لا أستخلف فإن رسول الله صلى الله عليه وسلم ‌لم ‌يستخلف، وإن أستخلف فإن أبا بكر قد استخلف"[5]

والا فلا منطق يقبل القول بأن النبي صلى الله عليه وآله قد أهمل أمر الخلافة ولم يعرض لها شئ، وإنما ترك أمرها للمسلمين وجعل لهم الحرية في اختيار من شاؤوا لتولي أمرهم.

المصادر:

[1] . مسند أحمد ، ج5، 389.

[2] . سنن الدارمي، ج1، ص36.

[3] . الامامة والسياسة، ج1، ص28.

[4] . صحيح مسلم، ج6، ص5.

[5] . مسند أحمد، ج 1، ص 415 ط الرسالة.