دلالات آية المباهلة

استدلت الشيعة الإمامية بآيات نزلت على رسول الله ، وبأحاديث، فمن الآيات قوله تعالى" تعالوا ندع أبناءنا وأبناءكم ونساءنا ونساءكم وأنفسنا وأنفسكم".[1] وتسمى ب‍ آية المباهلة.

والمباهلة: من البهل، بمعنى تخلية الشئ وتركه غير مراعى.[2] وهذا المعنى أدق بالنسبة الى غيره من المعاني مثل الملاعنة،[3] لأنه ينسجم مع ما ورد في الأدعية مثل: ربنا لا تكلنا إلى أنفسنا طرفة عين أبدا، والإنسان لو تُرك من قبل الله سبحانه وتعالى لحظة، لانعدم وهلك.

يقول الامام علي عليه السلام إن أبغض الخلائق إلى الله رجلان، رجل وكله الله إلى نفسه فهو جائر عن قصد السبيل، مشغوف بكلام بدعة ودعاء ضلالة، فهو فتنة لمن افتتن به، ضال عن هدي من كان قبله، مضل لمن اقتدى به في حياته وبعد وفاته، حمال لخطايا غيره، رهن بخطيئته.[4]

ومن هنا يتضح لماذا أُمر رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بالمباهلة، و لماذا عدل القوم عن المباهلة، مع أنهم قرروا ووافقوا على المباهلة ابتداءً، وحضروا من أجلها، إلا أنهم لما رأوا رسول الله ووجوه أبنائه وأهله معه قال أسقفهم: إني لأرى وجوها لو طلبوا من الله سبحانه وتعالى أن يزيل جبلا من مكانه لأزاله.[5]

واذا رجعنا الى السنة فلا بد وأن تكون الرواية مقبولة عند الطرفين سندا و ملزمين بقبولها، و واضحة الدلالة على المدعى.

والسنة فسرت هذه الآية المباركة، وذكرت شأن نزولها ومن خرج مع رسول الله، فنرى مسلما والترمذي والنسائي وغيرهم من أرباب الصحاح[6] يروون الخبر بأسانيد معتبرة، قالوا: خرج رسول الله ومعه علي وفاطمة والحسن والحسين، وليس معه أحد غير هؤلاء.

أما وجه دلالة الآية على إمامة علي عليه السلام فإنه يستدل على ذلك بكلمة - وأنفسنا - فهذا المأمون العباسي[7] سأل الإمام الرضا عليه السلام قال: هل لك من دليل من القرآن الكريم على إمامة علي، أو أفضلية علي؟

رسول الله وآية المباهلة

فذكر له الإمام عليه السلام آية المباهلة، واستدل بكلمة ( وأنفسنا ) ببيان أن النبي صلى الله عليه وآله عندما أمر أن يخرج معه نساءه وأبناءه، أخرج فاطمة والحسن والحسين، و لما أُمر بأن يخرج معه نفسه، لم يخرج إلا علي ، فعلي نفس رسول الله بحسب الروايات الواردة بتفسير الآية.

وكون علي نفس رسول الله بالمعنى الحقيقي غير ممكن، فيكون المعنى المجازي هو المراد، وأقرب المجازات إلى الحقيقة، أن يكون علي مساويا لرسول الله في جميع الجهات حتى النبوة، لكن النبوة خرجت بالاجماع أنه لا نبي بعد رسول الله، وتبقى بقية مزايا رسول الله، من العصمة و أنه أولى بالمؤمنين من أنفسهم، و أنه أفضل جميع الخلائق..الخ.

المصادر:

[1] . سورة آل عمران، الآية 61.

[2] . المفردات في غريب القرآن، الراغب الاصفهاني: بهل .

[3] . تاج العروس، الزبيدي : بهل .

[4] . نهج البلاغة : 51 ، الخطبة رقم 17 .

[5] . الكشاف، الزمخشري، ج1 ، ص 369.

[6] . صحيح مسلم، ج 7 ، ص 120.

[7] . الفصول المختارة، الشريف المرتضى، ص ٣٨.