دور زيارة الأربعين في نشر الثقافة الإسلامية

08:38 - 2023/09/06

زيارة الأربعين، مؤتمر عالمي يحمل أسمى معاني الحرية والعزة والكرامة، وأكبر مشروع إصلاحي لواقع الأمة بهدف بنائها على المستوى التوعوي والفكري والعملي، وتقويم وتحسين مسارها السياسي والفكري.

إن زيارة الأربعين تجمّع إنساني وعالمي يتجاوز الطابع الديني، ويشكّل حدثاً اجتماعيّاً غير مسبوقٍ في العالم لما في هذه الزيارة من دلالات على المستوى التربوي والعقائدي والسياسي والإعلامي والثقافي.

زيارة الأربعين وإن اتسمت بالطابع المذهبي الشيعي لكنها تعبّر عن تجذر القضية الحسينية في الوجدان الإيماني للمسلمين عموماً والضمير الإنساني للعالم أجمع، فهي عمليّاً نبض متجدد للفكر الثوري الجهادي الباحث عن الحرية من سلطة الظالمين وانعتاق الروح من قيود مفاهيم الخضوع والذل والانكسار.

في زيارة الأربعين يفد الزوار من مختلف أنحاء العالم، لزيارة المراقد والعتبات المقدسة، فهي شعيرة من شعائر الله التي أكّدت الشريعة على تعظيمها لسموها ورفعة أهدافها،[1] وجعلت تقوى القلوب ناتجاً طبيعيّاً ملازماً لها، لما لها من الأثر في اجتماع القلوب حولها في احياء دين الله ونصرة أهداف رسالة الأنبياء في رفض الظلم على مدى تاريخ البشرية.

زيارة الأربعين

زيارة الأربعين تحمل دلالات

زيارة الأربعين تحمل دلالات بضخامة التراث الإنساني في الثورة الحسينية، وتبرز الدلالات في أبعاد الزيارة المعنوية الروحية والأخلاقية والثقافية والاقتصادية والإعلامية الاجتماعية والسياسية.

ففي البعد الروحي، تكون هذه الزيارة كفيلة بتعزيز الارتباط بالله تعالى عبر تحويل ألفاظ الحب والأحاسيس والولاء للإمام الحسين عليه السلام من أتباعه ومحبيه، إلى ولاء حقيقي قوامه الموالاة للحق والعدل والإنصاف والثبات، والبراءة والكفر بالطواغيت والمستكبرين والظالمين.

وفي البعد الأخلاقي، فإنه توفّر زيارة الأربعين عدداً من الدروس الأخلاقية العملية إذ تستخرج الملكات الأخلاقية والصفات النفسية الكامنة، وتكشف عمليّاً عن المستوى الأخلاقي للفرد، سواء في السفر أو حين المشي وتعامله مع الآخرين، فتبرز المعطيات الأخلاقية من الصبر والتواضع والإيثار والتضحية بالمال والوقت وبذل الجهد وخدمة الآخرين وتقديم المساعدة، والتعاون، والعفة، والعفو، والحلم، والأدب واحترام حرمات الطريق وغيرها من المعاني الفاضلة.

وفي البعد الثقافي، تكون زيارة الأربعين مؤتمراً عالميّاً يحمل أسمى معاني الحرية والعزة والكرامة، ويحمل من المفاهيم الأخلاقية والدينية والمعنوية والاجتماعية الكثير في طريق بناء المجتمع القوي المتماسك.

في زيارة الأربعين دروس ثقافية متنوعة، ومن أهمها ثقافة العمل الطوعي بما يخدم تطور المجتمعات؛ وثقافة التعايش السلمي والانفتاح على الآخرين، وثقافة التعامل وفق مبدأ الإنسانية، وثقافة البذل والصرف في سبيل الله، والإنفاق على حبه. وأهم المفاهيم في زيارة الأربعين، ثقافة انتصار النهج والتحلي بالبصيرة.

فليست زيارة الأربعين طقساً جامداً من مراسم العزاء والحزن والبكاء، بل هي عملية تأمل في كيفية مواجهة الظلم ولو ببذل الأرواح والأموال، فتشكل البصيرة وتجدد البيعة في ساحات الجهاد، وهذه البصيرة هي التي صنعت محور المقاومة.

فثقافة انتصار الدم على السيف، هو جوهر القضية الحسينية التي تجسد الزيارة الأربعينية أبرز مصاديق الالتزام بأهدافها، وهذه فرصة لا غنى عنها لنشر مبادئ النهضة الحسينية، وإيصال تعاليمها وزيادة الوعي حول مبانيها ورفع الشبهات حولها.

إن زيارة الأربعين تعتبر من علامات المؤمن،[2] وتحثه على الإقتداء بالإمام الحسين عليه السلام، الذي جاهد لنيل أسمَى المقاصد، في سبيل إحياء الدين، وإظهار فضائح المنافقين، واختار المنيَّة على الدنيَّة، وميتة العِزِّ على حياة الذُل.

المصادر:

[1] . عيون أخبار الرضا، الشيخ الصدوق، ج2، ص44.

[2] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج ٩٨، ص ٣٢٩.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.