دروس من خطبة السيدة زينب في الكوفة (2)

10:49 - 2023/08/20

هذه أم المصائب زينب عليها السلام عقیلة الوحی والنبوة، وخفرة علي وفاطمة عليهما السلام؛ أفشلت خطط الأعداء بخطبها البليغة.

لعقيلة الوحي والنبوة زينب عليها السلام ، مواقف في الكوفة حتى قال من سمع كلامها البليغ" لم أرَ والله خفرة أنطق منها، كأنما تفرغ عن لسان أمير المؤمنين علي بن أبي طالب.[1]

 ولها مواقف في الشام مع عدوها وعدو الله ورسوله يزيد، فمن تلك المواقف الصارمة حين ما أمر يزيد بإدخال سبايا الوحي عليه، فأدخلوهن مربقات وعنده وجوه دمشق، فغضوا أبصارهم احتراماً واستحياءً، ولكن رجلاً من أعوانه ومقوي سلطانه من أجلاف الناس، أمعن النظر في فاطمة بنت الحسين عليه السلام فراقه جمالها، فخافت منه، وروَّعها إذ التهمها بعينيه، فلاذت بعمتها مذعورة ترتعد، فتسمعه العقيلة يقول ليزيد يا أمير المؤمنين هب لي هذه الجارية، فتقف عليها السلام بوجهه وتقول: كذبت والله ولؤمت، ما كان ذلك لك ولا له.[2]

عليها السلام

من كلامها عليها السلام في مجلس يزيد

كانت السيدة زينب عليها السلام تمثل مواقفها كلها صابرة محتسبة، منذ أصيبوا بفقد رسول الله صلى الله عليه وآله ثم فقد الزهراء عليها السلام، وفي العين منها قذى، وفي القلب منها شجی، وفقد سيد الأوصياء، مضمخاً بالدماء، وفقد أخيها الحسن مظلوماً مسموماً، يتقيأ كبده نصب عينيها في الطست قطعاً قطعاً، ثم منعهم الظالمون من دفنه مع جده رسول الله صلي الله عليه و آله وهو أحد سبطيه وريحانتيه وسيدي شباب أهل الجنة.

فمما قالته ليزيد: "فكد كيدك، واسع سعيك وناصب جهدك، فوالله لا تمحو ذكرنا ولا تميت وحينا، ولا تدرك أمدنا.[3]

خاطبته بهذا الكلام تأكيداً لأهداف الثورة الحسينية، وذلك أن الإمام الحسين عليه السلام قال في رسالة له :" أمّا بعد ، فإنّ من لحق بي استشهد ، ومن لم يلحق بي لم يدرك الفتح"[4] ، والفتح الذي كان ينتظره الإمام الحسين عليه السلام، والذي استدعى التضحية بنفسه وعياله وأنصاره، أنه عليه السلام كان ينظر إلى أنّ هناك منهجاً انحرافيّاً اُريد أن يتأصّل في المجتمع من قِبل بني اُميّة ، ليكون بديلاً عن منهج الأنبياء والأوصياء، لأنّ السلطة الحاكمة أرادت أن يكون دين الناس هو ما يراه الحاكم ويقرّره ، فكلّ ذلك انتهى مع أوّل قطرة دم سقت أرض كربلاء ، لتعلن الثورة الحقيقيّة بوجه هذا المنهج ومن أسّسه ، وهذا ما أكده سيّد الساجدين عليه السلام في رّده على مقولة من قال له:

من غلب؟ فأجابه الإمام عليه السلام:" إذا أردت أن تعلم مَن غلب ودخل وقت الصلاة فأذّن ثمّ أقم "[5] فالإمام عليه السلام أراد أن يوضّح المقياس الحقيقي للفوز أو الخسارة ولا يمكن تقويمها بما يحصل في ساحة المعركة، بل هو ببقاء القيم والمبادئ - التي من أجلها كانت ثورة الإمام عليه السلام - وعدمه.

فالإمام الحسين عليه السلام استطاع بنهضته أن يؤصّل مقوّمات الإسلام الحقيقي في المجتمع، ولم يستطع يزيد أو غيره إزالة هذا المنهج أو إلغاء مقوّماته، ولذا قالت بطلة كربلاء ليزيد، وأعلنت فشل المنهج المنحرف، وبقاء القيم الإصلاحيّة والمبادئ العليا، بقولها عليها السلام: " فَاسْعَ سَعْيَك، وَناصِبْ جُهْدَك، فَوَاللهِ لاَ تَمْحُو ذِكرَنا، وَلاَ تُمِيتُ وَحْيَنا " ومن ينظر الآن إلى واقع الحسين عليه السلام ويزيد فإنّه سوف يعلم من هو الغالب الحقيقي.

المصادر:

[1].العوالم، الشيخ عبد الله البحراني، ج1، ص 368.

[2] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج ٤٥ ، ص ١٣٦.

[3] . مثير الأحزان، ابن نما الحلّي، ص81.

[4] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج 45، ص 87 ، الحديث 23.

[5] . المصدر، ج45 ، ص 177، الحديث 27.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
17 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.