ميلاد السيدة زينب

ميلاد السيدة زينب :

في العام الخامس للهجرة، تطايرت نسائم الفرح في أرجاء البيت الفاطمي وقد غمره السرور وفاضت به البهجة بميلاد الحفيدة الأولی للرسول صلی الله عليه وآله، وها هي الزهراء عليها السلام قد تهللت أساريرها واشرق وجهها وهي تحتضن المولودة الصغيرة متأملة البراءة العذبة المرسومة علی محيّاها الصغير.

فعن الإمام الباقر عليه السلام قال: تزوّج عليّ فاطمة عليهما السلام في شهر رجب بعد الهجرة بخمسة أشهر[1] وكان ثمرة هذا القران المبارك الحسنان وأم كلثوم وزينب الكبری.[2]

مناقبها الفاضلة

 لقد توفرت لزينب عليها السلام كل أسباب التربية الناجحة، ولذا لا نجد فضيلة إلا وزينب عليها السلام في قمتها، فمن زهدها انها كانت - علی ما رواه الإمام السجاد عليه السلام - انها ما ادخرت شيئاً من يومها لغدها أبداً.

 وكانت عليها السلام تقضي عامة لياليها بالتهجد وتلاوة القرآن وما تركت صلاة الليل حتی في ليلة الحادي عشر من محرم رغم شدتها.

وكانت عليها السلام من أكثر نساء أهل البيت جرأة وبلاغة وفصاحة وهذا واضح من خطبها في الكوفة والشام.

وعن الصدوق محمد بن بابويه طاب ثراه:

 كانت زينب عليها السلام لها نيابة خاصة عن الحسين عليه السلام والناس يرجعون إليها في الحلال والحرام حتی برئ زين العابدين من مرضه.[3]

 وفوق كل هذا فقد كانت علی قدر كبير من العلم والمعرفة وكانت لها مجالس لتعليم النساء القرآن الكريم في الكوفة ما بين عامي 35 - 40 هـ، وهذا ان دل علی شيء فانما يدل علی ان لها دوراً كبيراً في عملية التوعية النسائية.

كانت عليها السلام صنو أمها في طيب الخلق وحسن السجايا وكانت تشبه اباها في قوة القلب في الشدائد والثبات عند النائبات والصبر علی الخطوب القاسيات.

زينب... المرأة الصابرة

 ابتداء من عصر عاشوراء تنتقل المهام الاساسية للسيدة زينب عليها السلام، فقد اصبحت هي مديرة القافلة، ذلك ان الرجل الوحيد الذي بقي من أهل بيت الحسين عليه السلام في كربلاء كان الإمام زين العابدين، إذ كان في حالة صحية متردية.[4]

ولقد استطاعت زينب عليها السلام التغلب علی عواطفها في اللحظات الحرجة وكان من الممكن ان تنهار لعظم الفاجعة ولكنها صمدت وسيطرت علی مشاعرها واحاسيسها، لتعطي صورة المرأة الصابرة الثابتة التي تفوق صلابتها الجبال الراسيات.

لقد ابدت السيدة مهارة عالية في قيادة إدارة شؤون القافلة الحسينية وتولّيها بعد استشهاد الإمام الحسين عليه السلام حيث كان الإمام زين العابدين عليه السلام مريضاً آنذاك، فما هو معروف ان الأزمات والخطوب تُعَدَّ المرآة العاكسة لشخصية الفرد، فالشخصية لا تبدو ملامحها وخصوصياتها وقدراتها إلا في الظروف الصعبة وفي المحكات الحرجة.

فكانت السيدة زينب عليها السلام النموذج الأعلی للمرأة المسلمة الصابرة في اكبر من مصيبة، والتي تعطي القوة والصلابة لمن حولها.

المصادر:

[1] . الطبقات الکبری، ابن سعد، ج2، ص247.

[2] . لقبت بالکبری تمییزاً لها عن زینب الصغری التی هی من غیر فاطمة وأمها أم ولد.

[3] . شجرة طوبى،الشيخ محمد مهدي الحائري، ج ٢، ص٣٩٢.

[4] . الملحمة الحسینیة، الشهيد مرتضى المطهري، ص 253.