تضحية الإمام الحسين

10:36 - 2023/08/02

كانت شهادة الإمام الحسين عليه السلام بعثة ثانية للشريعة الغراء، وإشراقا آخر لذلك النور البهي الإلهي، بعد أن لم يعد أحد يشعر بالمسؤولية عن مظلمة أخيه.

تضحية الإمام الحسين عليه السلام

كثرت المظالم فقام سيد شباب أهل الجنة عليه السلام في وجه الجور والفجور، وثار على المنكر والبغي، فقاتل وذهب شهيدا.

 لقد ضحى الإمام الحسين عليه السلام بنفسه واستشهد، ولكنه المنصور، فقد خفف الويلات عن المسلمين، وذلك بتخفيف غلواء الحاكمين، وشل حركات المعتدين.

استشهد الامام الحسين عليه السلام في سبيل الاسلام وظهر للناس ما اقترفته تلك الطغمة وما اجترحته من آثام، فتنبه الأحرار إلى أن الشرف في التضحية، وفي الموت تكون الحياة.

شَعرَ الإمام الحسين عليه السلام بعظم المسؤولية فنهض منتصرا للفضيلة، ثائرا للكرامة صادعا بالحق داعيا إلى الحق وإلى طريق مستقيم، هذا وإن سلاحه الصبر وحسن اليقين ولسان الحال يقول:

إن كان دين محمد لم يستقم * إلا بقتلي فيا سيوف خذيني[1]

عليه السلام

ثرثرة ناقصي العقول ضده عليه السلام

كل هذا الفداء من أبي الاحرارفي سبيل نصرة الإسلام، إلا أن ناقصي العقول يدعون أن الأخبار كانت تنص على أن الحسين عليه السلام لم يكن لديه أنصار، وإنه خرج هاربا من المدينة إلى مكة، ثم إلى العراق، خوفا من إلزامه بالبيعة ليزيد.

قالوا هذا ونفس الأخبار تنص على أن أبا هرة الأزدي - وهو من الكوفة - قد التقى بالحسين عليه السلام وهو في مسيره إلى كربلاء فسأله قائلا: يا بن رسول الله ما الذي أخرجك عن حرم الله وحرم جدك محمد صلى الله عليه وآله؟

فقال له الحسين عليه السلام: يا أبا هرة إن بني أمية قد أخذوا مالي فصبرت، وشتموا عرضي فصبرت، وطلبوا دمي فهربت، يا أبا هرة لتقتلني الفئة الباغية، وليلبسهم الله تعالى ذلا شاملا، وسيفا قاطعا، وليسلطن الله عليهم من يذلهم حتى يكونوا أذل من قوم سبأ، إذ ملكتهم امرأة منهم فحكمت في أموالهم ودمائهم.[2]

وتجرؤوا مرة أخرى وقالوا: إن الامام الحسين عليه السلام لو كان قد بايع، لبقي على مكانته وجاهه، وسَلُم من محنة القتل ومن سبي الحريم، فنهضته إنما كانت عنادا للسلطان، وإلقاء باليد إلى التهلكة، وقد نهى الله عن ذلك فقال "ولا تلقوا بأيديكم إلى التهلكة.[3]

يا لها من جرءة على سيد شباب أهل الجنة، وهل يحتمل مسلم منصف أن ريحانة النبي خرج عنادا للسلطة وهو القائل والصادق في قوله: إني لم أخرج أشرا ولا بطرا ولا ظالما وإنما خرجت لطلب الإصلاح في أمة جدي، أريد أن أمر بالمعروف وأنهى عن المنكر، وأسير بسيرة جدي وأبي، فمن قبلني بقبول الحق فالله أولى بالحق، ومن رد علي هذا أصبر، حتى يقضي الله بيني وبين القوم بالحق وهو خير الحاكمين.[4]

ثم كيف يصدق عليه أنه عليه السلام القى بنفسه الى التهكلة، والحال أن الحسين عليه السلام وارث علم النبي صلى الله عليه وآله وسبطه، وإليه معاد الناس في معرفة أحكام الشريعة، وهو المنظور إليه، والمقتدى به في القول والفعل.

 فلو سلم ليزيد ووضع يده في يده - مع اتصاف يزيد برذائل الأخلاق، والتجاهر بالفسق، واستباحة المحرمات، لكان هذا يحط من قدره العالي، ومكانته السامية، ومقامه الأعلى، وكان لا يذكر إذا ذكر عظماء الرجال، وهذا هو بعينه الإلقاء باليد إلى التهلكة، قال الشاعر:

ليس من مات فاستراح بميت * إنما الميت ميت الأحياء[5]

المصادر:

[1] . للشاعر الشيخ محسن أبو الحب.

[2] . مقتل الحسين، للخوارزمي، ص234.

[3] . سورة البقرة، الآية 195.

[4] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج 44، ص 329.

[5] . شرح أبيات مغني اللبيب، عبد القادر بن عمر البغدادي، ج 3، ص 197.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
12 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.