عليٌّ هو ميزان الحق

11:13 - 2021/12/19

من غرائب الدهر أن بعض الصحابة يروي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ويعاكسه في السلوك والموقف، وهذا ما تحقق في سعد بن ابي وقاص الراوي لحديث «عليّ مع الحقّ والحقّ مع عليّ»

عليٌّ ميزان الحق

إن بعض الصحابة يروي الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله ويتظاهر بالاقتداء به، لكن بمجرد أن أغمض أسوة المؤمنين عينيه وارتحل من الدنيا، انقلب ذلك البعض على عقبيه،وسعد بن ابي وقاص أحد تلك النماذج في الانقلاب، إنه يروي حديث «عليّ مع الحقّ و الحقّ مع عليّ» فكان عليه أن يقف الى جانب الحق كما هو مضمون الحديث، لكن مواقفه السلبية أظهرت أن الرجل كان ينتهز الفرص، وأن الدين عنده وسيلة يصل به الى مبتغاه، فيديره ما درّت معيشته، لذا بمجرد أن ارتحل النبي صلى الله عليه وآله الى دار الآخرة، نراه يبايع أبابكر ثم عمر ثم عثمان وأخيرا انحاز الى جبهة النفاق والطغيان معاوية بن ابي سفيان فكان من اعداء ميزان الحق علي بن ابي طالب عليه السلام.

إنه بحسب رواية "الحق مع ذا" اشارة الى علي، فإن أمير المؤمنين عليه السلام دائما مع الحق  فالاثنان لا ينفصلان عن بعضهما البعض، وهذا هو العصمة المطلقة التي تعتقد بها الشيعة لأئمتهم الاثني عشر ؛ لأن النبي صلى الله عليه وآله لا ينطق عن الهوى، فشهادته في حق من كان مع الحق، تعني عدم خطأه في الأقوال والأفعال وهي دليل على عصمته. هذا الحديث رواه الهيثمي في مجمع الزوائد عن أبي سعيد الخدري ثم عقّب عليه وقال:«رَوَاهُ أَبُو يَعْلَى، وَرِجَالُهُ ثِقَاتٌ»[1] ايضا رواية أخرى بهذا المضمون عن سعد بن ابي وقاص وأم سلمة، ثم قال:"رَوَاهُ الْبَزَّارُ، وَفِيهِ سَعْدُ بْنُ شُعَيْبٍ، وَلَمْ أَعْرِفْهُ، وَبَقِيَّةُ رِجَالِهِ رِجَالُ الصَّحِيحِ" [2] والآن مع وجود هذه الروايات بأسانيد صحيحة، نجد ابن تيمية الذي لا يطيق أن يسمع فضيلة لأمير المؤمنين عليه السلام  يقف موقفًا حازمًا ضدّ هذه الفضائل ويقول: «قولهم إنهم رووا جميعا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال علي مع الحق والحق معه يدور حيث دار ولن يفترقا حتى يردا عليّ الحوض من أعظم الكلام كذبا وجهلا. فإن هذا الحديث لم يروه أحد عن النبي صلى الله عليه وسلم لا بإسناد صحيح ولا ضعيف فكيف يقال إنهم جميعا رووا هذا الحديث... وأيضا فالحق لا يدور مع شخص غير النبي صلى الله عليه وسلم ولو دار الحق مع علي حيثما دار لوجب أن يكون معصوما كالنبي صلى الله عليه وسلم وهم من جهلهم يدعون ذلك ولكن من علم أنه لم يكن بأولى بالعصمة من أبي بكر وعمر وعثمان وغيرهم وليس فيهم من هو معصوم علم كذبهم.[3]

انه معلوم للجميع  ضعف حجة ابن تيمية، وعدم صلابة أقواله في النص أعلاه ، أنه نفى الروايات دون إبداء دليل ومستند، ويتهم الشيعة بالكذب. حقّاً انه هو الالْيَقُ لهذا الاتهام أكثر.

وايضا حديث "أنت مع الحق والحق معك حيث ما دار" ؛ نقله ابن عساكر في تاريخ دمشق قال: إن معاوية «أقبل على سعد فقال يا أبا إسحاق أنت الذي... فقال سعد أما إذا أبيت فإني سمعت رسول الله (صلى الله عليه وسلم) يقول لعلي أنت مع الحق والحق معك حيث ما دار قال فقال معاوية لتأتيني على هذا ببينة ... فقال معاوية لسعد يا أبا إسحاق ما كنت ألوم الآن إذ سمعت هذا مع من رسول الله ... لو سمعت هذا من رسول الله (صلى الله عليه وسلم) لكنت خادما لعلي حتى أموت».[4]

و سعد بن أبي وقاص بعد ما سمع هذا عن النبي صلى الله عليه وآله، بايع أبا بكر وعمر وصوّت لعثمان في الشورى، ثم انحاز إلى معاوية.

________________

[1]. مجمع الزوائد ومنبع الفوائد (7/ 234)

[2]. المصدر (7/ 235)

[3]. منهاج السنة النبوية (4/ 238)

[4]. تاريخ دمشق لابن عساكر (20/ 360)

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
8 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.