الظلم الذي لحق بأبي ذر الغفاري معلوم لكل من له أدنى اطلاع على سيرة الصحابة والحوادث التي جرت بعد رحلة الرسول صلى الله عليه وآله، مع ذلك يحاول ابن تيمية التكتم على ظلم بعض الصحابة في حق ابي ذر الغفاري.
محاولات ابن تيمية لم توصله الى نتيجة، فالتاريخ يفضحه في أكثر محاولاته التي سعى فيها التستر على ظلم من يسمون بالصحابة حماية لهم، فكان ظلمه لا يقل عن ظلم هؤلاء.
مما أورده العلامة الحلي رحمه الله في مطاعن عثمان قوله: " إنه نفى أبا ذر إلى الربذة وضربه ضربا وجيعا "
قال ابن تيمية : " فالجواب : إن أبا ذر سكن الربذة ومات بها ، بسبب ما كان يقع بينه وبين الناس ".[1]
إنه يصور القضية وكأنها طبيعية ، خرج برغبة منه واختيار إلى الربذة ، وسكن بها حتى مات ، بسبب ما كان يقع بينه وبين الناس ، ولم يكن شئ من عثمان ! ! .
ابن تيمية والحرص الكاذب على سنة الرسول
إن ابن تيمية يُظهر حرصه في الدفاع عن سنة الرسول صلى الله عليه وآله، لكنه اذا واجه حديثا من رسول الله لم يُعجبه ردّه فورا و التمس له أعذارا ، فمثلا الحديث المعروف في حق أبي ذر: " «ما أقلت الغبراء، ولا أظلت الخضراء على ذي لهجة أصدق من أبي ذر»
الذي استدل العلامة به في موضعين ، قال ابن تيمية في الموضع الأول : " هذا الحديث لم يروه الجماعة كلهم ، ولا هو في الصحيحين ، ولا هو في السنن ، بل هو مروي في الجملة ، وبتقدير صحته وثبوته . . . "[2] وقال في الموضع الثاني : " والحديث المذكور بهذا اللفظ الذي ذكره الرافضي ضعيف ، بل موضوع ، وليس له إسناد يقوم به ".[3]
محقق كتابه المنهاج يثبت خلاف ما عليه ابن تيمية، قال:
" الحديث في سنن الترمذي 5 / 334 كتاب المناقب ، باب مناقب أبي ذر . وقد رواه الترمذي بإسنادين وقال عن الأول : هذا حديث حسن ، وعن الثاني وهو عن رواية مطولة : هذا حديث حسن وغريب من هذا الوجه . والحديث في سنن ابن ماجة 1 / 55 . المقدمة ، باب فضل أبي ذر . والحديث في المسند 5 / 197 عن أبي الدرداء ، 6 / 442 عن أبي ذر . ( قال ) : بأنه حسن أو صحيح " .[4]
المصادر
[1] . منهاج السنة، ج 6 ،ص272 .
[2] . المصدر ، ج 4، ص265.
[3] . المصدر، ج 6 ، ص 276.
[4] . المصدر،ج 4 ، ص265.