النهي عن المنكر

دلت الشريعة على ضرورة الامر بالمعروف و النهي عن المنكر كقوله تعالى " ولتكن منكم أمة يدعون الى الخير ويأمرون بالمعروف وينهون عن المنكر واولئك هم المفلحون"[1]

تضمنت الآية دستورا أكيدا للأمة الإسلامية بأن تقوم بهاتين الفريضتين وفلاحها يكون رهناً بذلك. فاذا فُقد هذان الامران، فُسح المجال للعوامل المعادية للوحدة الاجتماعية أن ينخرها من الداخل وتأتي على جذورها.

لو تعذر النهي عن المنكر

إن السكوت بالنسبة الى ارتكاب المعصية، بمثابة المشاركة في ارتكاب المعصية، اذ لو تعذر النهي عن المنكر فلابد أن يتحقق النهي ولو بالصورة السلبية كالابتعاد عن مجالس المعصية، لأن الحضور يشجع اهل المعاصي لارتكاب معصيتهم.

إن الله تعالى قد ذم الربانيين والاحبار الذين أيدوا قومهم على ارتكاب المعاصي بقوله تعالى: "لولا ينهاهم الربانيون والأحبار عن قولهم الاثم وأكلهم السحت لبئس ما كانوا يصنعون"[2]

فكان سبب الذم هو سكوت علمائهم عن النهي عن المنكر. وهذا الحكم لا ينحصر في علماء اليهود والنصارى بل يشمل كل العلماء مهما كانت ديانتهم.

لذا جاء الحديث عن رسول الله صلى الله عليه وآله عن ابي سعيد الخدري أنه قال" من رأى منكم منكرا فليغيره بيده، فإن لم يستطع فبلسانه، فإن لم يستطع فبقلبه، وذلك أضعف الايمان"[3]

إنه بالنظر الى هذه النصوص يتضح أن النهي عن المنكر واجب من الواجبات الاسلامية، لا يصح السكوت عليه خصوصا لو حصل من الخلفاء والحكّام، فإن الاسلام ليس فيه مجاملة ولا تساهل بالنسبة الى أعمال الظالمين والمتجاهرين بالفسق والعصيان، لأن عملهم يهدم أركان الاسلام ويوجب تغيير قوانين الاسلام وتحريفه.

فلابد من الوقوف أمام الظالم وجهاده بالسيف دفاعا عن الاسلام وهذا ما قام به ابو عبد الله الحسين عليه السلام ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله، فقد وقف أما السلطة الطاغية يزيد بن معاوية، وأفدى بنفسه وأصحابه وسبي عياله في سبيل حفظ الاسلام، فلم يسكت امام الخليفة المتجاهر بالفسوق وشرب الخمور، ولم يعتنِ بالروايات المتضادة لوجوب النهي عن المنكر مثل روايتهم لحديث "

«ستكون أمراء، فتعرفون، وتنكرون، فمن عرف برئ، ومن أنكر سلم، ولكن من رضي وتابع. قالوا: يا رسول الله أفلا نقاتلهم؟ قال: لا ما صلوا»[4]

المصادر

[1] . سورة آل عمران، الآية 104.

[2] . سورة المائدة، الآية 63.

[3] . صحيح مسلم ، ج1، ص50.

[4] . منهاج السنة النبوية،ج 1،ص 116.