عجاب ابن تيمية

لم يتردد ابن تيمية في الاستشهاد بأحاديث تمنع الخروج على يزيد، مثل: «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، ثم مات مات ميتة جاهلية» وعن ابن عباس «من رأى من أميره شيئا يكرهه، فليصبر عليه، فإن من فارق الجماعة، فمات، مات ميتة جاهلية»[1]

ثم أيّد كلامه بما قاله عبد الله بن عمر لعبد الله بن مطيع:«إني لم آتك لأجلس أتيتك لأحدثك حديثا سمعت رسول الله - صلى الله عليه وسلم - يقوله. سمعته يقول: من خلع يدا من طاعة لقي الله يوم القيامة لا حجة له، ومن مات وليس في عنقه بيعة مات ميتة جاهلية.»[2]

لكن في معرض كلامه عن حرب الجمل وصفين، نجده يدافع عن عائشة ومعاوية ويبرر أعمالهما، ففي عائشة يقول: إن عائشة لم تقاتل ولم تخرج لقتال، وإنما خرجت لقصد الإصلاح بين المسلمين، وظنت أن في خروجها مصلحة للمسلمين، ثم تبين لها فيما بعد أن ترك الخروج كان أولى.[3] فلم يسشتهد ابن تيمية في خروجها على الامام علي عليه السلام بحديث «من خرج من الطاعة، وفارق الجماعة، ثم مات مات ميتة جاهلية»

ابن تيمية وتخطئة الامام

بل ابن تيمية يسعى الى تخطئة الامام علي عليه السلام في تلك الحروب فيقول: "وعلي - رضي الله عنه - لم يكن قتاله يوم ‌الجمل وصفين بأمر من النبي - صلى الله عليه وسلم - وإنما كان رأيا رآه".[4] ويعتبرالقاعد في هذا القتال خيراً من القائم.[5]

كما ويعتبرالقتال في الجمل وصفين قتال فتنة ويخطئ الفقهاء الذين جعلوا ذلك القتال قتال بغي، فقد قال عنهم: "وجعلوا قتال ‌الجمل وصفين من هذا الباب. وهذا القول خطأ مخالف لقول الأئمة الكبار.. ومخالف للسنة الثابتة عن النبي - صلى الله عليه وسلم "[6]

إن عدم حكم ابن تيمية وامثاله بالموتة الجاهلية في حق الخارجين على الامام العادل الذي لم يصدر منه أدنى شائبة منكر، وحكمهم على من حارب علياً عليه السلام بأنه مسلم، خير دليل على تناقضهم في مواقفهم لما يروونه فيخالفونه.

المصدر

[1] . منهاج السنة النبوية،ج 1،ص 112.

[2] . المصدر،ج 1،ص 111.

[3] . المصدر،ج 4،ص 316.

[4] . المصدر،ج 4،ص 496.

[5] . المصدر، ج 4،ص 502.

[6] . المصدر، ج 4،ص 501