-معاوية يعلم أن حجراً كان من أهل العبادة والتهجد، ويرى المصلحة في قتله.
لقد قتل معاوية حجرا وأصحابه لأنه امتنع من سب أبي تراب، ولا عجب من قتله لحجر بن عدي، فإن هذا هو دينهم، لكن الاعجب من ذلك ما نسمعه من وجوب حفظ كرامة معاوية وأمثاله والترضي عليهم،[1] والتماس الاعذار لهم حتى لو كان عملهم مخالفا للشرع، فيقومون بتوجيه أعمالهم بالإجتهاد وأنّه كان مجتهداً فيما رأى وعمل.
يقول الحسن البصري في وصف معاوية: أربع خصال كُنّ في معاوية، لو لم يكن فيه اِلا خصلة واحدة لكانت موبقة: انتزاؤه على هذه الاُمّة بالسيف حتى أخذَ الاَمر من غير مشورة، وفيهم بقايا الصحابة وذوو الفضيلة، واستخلافه بعده ابنه يزيد سكيراً، وادعاؤه زياداً، وقتله حجر بن عدي الكندي وأصحاب حجر، فيا ويلاً له من حجر"[2]
معاوية وحجر بن عدي
إن حجر بن عدي لم يكن مجرد قتيل، ولكنه شاهد على تاريخ مضى، وشاهد على إمارة تقلّدها رجل وقع في دائرة اللعن يوم غدير خم، إن معاوية بعد أن فرغ من قتل حجر ورفاقه ذهب إلى المدينة، ودخل على عائشة ولم يشهد كلامهما أحد إلا ذكوان مولى عائشة[3]، فقالت: ما حملك على قتل أهل عذراء حجر وأصحابه؟ قال: يا أم المؤمنين، إني رأيت قتلهم صلاحا للأمة، وبقاءهم فسادا للأمة فقالت: سمعت النبي صلى الله عليه وسلم يقول: " سيقتل بعذراء ناس يغضب الله لهم وأهل السماء "[4]
وبعد أن عاتبته عائشة قال: أنتِ والله العالمة العاملة بأمر رسول الله صلى الله عليه وسلم، الناصحة المشفقة البليغة الموعظة... ثم قال: يا أم المؤمنين، كيف أنا فيما سوى ذلك من حاجاتك وأمورك؟ قالت: صالح. قال: فدعيني وحجرا حتى نلتقي عند ربنا"[5]
هذا ويعتذر ابن تيمية لمعاوية في ما فعل بأنه مجتهد، و" انه كعلي بن أبي طالب في ذلك "[6] و يقول : «فكل مجتهد اتقى الله ما استطاع فهو مطيع لله ورسوله»[7] فهل معاوية قد اتقى الله في قتل حجر بن عدي؟ وهو الذي يقول: ما قتلت أحداً إلا وأنا أعرف فيما قتلته خلا حجر، فإني لا أعرف بأي ذنب قتلته.[8]
المصادر
[1] . منهاج السنة النبوية،ج 4،ص 258.
[2] . الكامل في التأريخ،ج 3،ص 487.
[3] . البداية،ج8،ص143.
[4] . كنزل العمال،ج13،ص 587 .
[5] . بغية الطلب فى تاريخ حلب،ج 5،ص 2129 ت زكار
[6] . منهاج السنة النبوية،ج 4،ص 391.
[7] . المصدر،ج 6،ص 27.
[8] . تاريخ الطبري،ج 5،ص 253.