مواجهة الطغاة

17:46 - 2022/08/18

-إن مبدأ مواجهة الطغاة قانون إلهي ومنهج رباني لايجوز بأي حال من الأحوال الحياد والإنزواء عنه.

مواجهة الطغاة

لم یغفل الشرع المقدس عن موضوع مواجهة الطغاة والطغيان ، بل إن الإسلام المحمدي الأصيل يدعو إلى مواجهة الطغاة وكل الظالمين والمتجبرين ، لأن الشرع الحنيف في صميمه قائم على الكرامة الإنسانية بعيدا عن نير الطغاة والظلمة ، ولا كرامة ولاشرف تحت راية الطاغية والظالم فوجود سلاطين الجوریعني ظلم العباد ، وهلاك البلاد بسبب استبدادهم ، وامتهان كرامتة الناس ، ومن أجل ذلك كان ظلم الحكام أسوأ أنواع الظلم وأشدّها نُكراً. عن الإمام الصادق عليه السلام: " إن الله عز وجل أوحى إلى نبي من الأنبياء، في مملكة جبّار من الجبابرة: أن أئتِ هذا الجبار فقل له: إني لم أستعملك على سفك الدماء، واتخاذ الأموال، وإنّما استعملتك لتكفّ عني أصوات المظلومين ، فإني لن أدع ظلامتهم وإن كانوا كفاراً ".[1].

وعلى هذا الأساس كانت الوظيفة الأساسیة لأنبياء الله تعالى مواجهة الطغاة من أجل دحض ورفع الظلم الذي يمارسه الطغاة والجبابرة والسلاطين الجائرين على خلق الله ، فها هونبي الله إبراهيم عليه السلام يمضي في هذا السبيل مواجها الطاغية المترد النمرود الذي إدّعى الربوبية ، ودعا الناس إلى عبادته دون الله تعالى ، فتحدّاه إبراهيم عليه السلام وأثبت عجزه من أن يكون ربّاً ، فكانت الكلمة الحق منه في وجه هذا السلطان الجائر أقوى سلاح في المواجهة وذلك عندما خاطبه مبينّاً عجزه أمام قدرة الله تعالى في مقابل قدرته التي دعته إلى ظلم الناس والاعتداء عليهم. وكانت نتيجة هذا التحدّي: { فَبُهِتَ الَّذِي كَفَرَ وَاللّهُ لاَ يَهْدِي الْقَوْمَ الظَّالِمِينَ }.[2]. والحال نفسه مع نبيّ الله موسى عليه السلام في دعوته فرعون إلى الحق والكفّ عن استضعاف الناس وذبح أبنائهم واستحياء نسائهم ، وعدم الفساد في الأرض.

فكانت مواجهة الطغاة من قِبل الأنبياء عليهم السلام واحدة من أعظم أنواع جهادهم وتضحياتهم ، فسفكت دمائهم ، وأبيحت أرزاقهم، ولم يمنعهم ذلك من الاستمرار في قول الحق ومواجهة الظالمين.

مواجهة الطغاة

وعلى هذا النهج سارأهل البيت الكرام عليهم السلام ، فهاهو أمير المؤمنين عليه السلام یقف في مواجهة الطغاة الظالمين والمستبدين ، حيث يقول عليه السلام مبنّياً عزمه على اقتلاع رمز الفساد والجور من الأرض معاوية بن أبي سفيان: "وسأجهد في أن أُطهّر الأرض من هذا الشخص المعكوس والجسم المركوس حتى تخرج المدرة من بين حبّ الحصيد".[3].

وأمام هذا النهج الذي أمر به الإسلام في مواجهة الطغاة والظالمين يجب علينا كدعاة ومبلغين أن لا نقف مكتوفي الأيدي ونسكت على ظلم السلاطين الظلمة وجورهم ، بل إن المسؤولية أعظم . يقول الإمام الصادق عليه السلام: " لا يحضرن أحدكم رجلا يضربه سلطان جائر ظلما وعدوانا ، ولا مقتولا ولا مظلوما إذا لم ينصره ، لان نصرة المؤمن على المؤمن فريضة واجبة، إذا هو حضره ...". [4].

وروي عن رسول الله صلى الله عليه وآله: إنّ الله عزّ وجلّ يقول: "وعزّتي وجلالي لأنتقمنّ من الظالم في عاجله وآجله، ولأنتقمنّ ممّن رأى مظلوماً فقدر أن ينصره فلم ينصره".[5].

وهذا دليل على وجوب الوقوف مع المظلوم وحمايته من المستبدين والجائرين والظالمين ، إضافة إلى أن ذلك من عظيم القربات والطاعات لله عزوجل .

وهذا ما نجده في وصية للإمام علي عليه السلام لولديه الحسن والحسين عليهما السلام حیث یقول فیها: "وكونا للظالم خصماً ، وللمظلوم عوناً ".[6].

__________

المصادر:

[1]. الوافي ، ج3، ص162.

[2]. سورة البقرة ، الآية 258.

[3]. نهج البلاغة ، الكتاب44.

[4]. بحار الأنوار ، ج ٧٢ ، ص١٧.

[5]. كنز العمال ، المتقي الهندي ، ج3 ، ص505.

[6]. بحار الأنوار ، ج42 ، ص245.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.