-الشريف الرضي ، المعروف باسم "السيد الرضي" ، عالم إسلامي عاش في القرن الرابع الهجري، خلد اسمه في تاريخ الإسلام الى جنب خلود نهج البلاغة.
جدّه الخامس الامام موسى بن جعفر (عليه السلام) هو الإمام السابع من أئمة اهل البيت عليهم السلام ، وبما أن الإمام علي (عليه السلام) هو أيضاً الجد الخامس للإمام موسى بن جعفر (عليه السلام) فالإمام علي (عليه السلام) يكون الجد العاشر للسيد الرضي. وأيضًا من جهة الأم، فانه تفصل بينهم تسعة أجيال إلى الإمام علي (عليه السلام). ومن هنا يتبين أن السيد الرضي ينحدر من عائلة نظيفة ومشرفة من نسل الإمام علي (عليه السلام).
ولد السيد الرضي عام 359 هـ وتوفي عام 406 هـ بعد حياة قصيرة ولكنها مثمرة بلغت 47 عامًا. درس في سن مبكرة مع أخيه (الشريف المرتضى) ، وسرعان ما ظهر ذكاءه وعبقريته، وتفوّق على جميع أقرانه. اشتهر في السنوات الأولى من شبابه وصار عالمًا إسلاميًا بارزًا وكان يحظى باحترام العلماء العظماء في ذلك الوقت.
بدأ السيد الرضي منذ سن مبكرة، بأبحاث و تحقيقات قيّمة حول القرآن والإسلام والقضايا الإسلامية. فكانت نتيجة جهوده وأبحاثه، عدةٌ من الكتب القيمة التي كانت دائمًا موضع اهتمام العلماء في العالم الإسلامي في القرون التالية.
لكن الذي خلّد اسمه ليس مؤلفاته وقصائده وأبحاثه ، بل ما قام بتجميعه في كتاب تحت عنوان "نهج البلاغة". عمل سيد الرضي لما يقرب من 20 عامًا على جمع محتويات هذا الكتاب. ذهب إلى عشرات المكتبات وقرء مئات الكتب بعناية من البداية إلى النهاية. وهذه الكتب قد تمّ تأليفها منذ عقود ، وقد اقتبس مؤلفو هذه الكتب في كتبهم، أجزاء من الخطب والرسائل والخطب القصيرة ونصائح الإمام (عليه السلام).
لكن هذه الخطب والرسائل لم يكن لها الترتيب الصحيح في تلك الكتب. لذلك بذل السيد الرضي الكثير من الجهد وبعد سنوات من البحث والدراسة ، نجح في عام 400 هـ في جمع تلك الآثار المتناثرة و رتبها في ثلاثة أقسام في كتاب شامل وقدمه الى عالم الثقافة والفكر.
وليعلم أن نهج البلاغة لا يشمل جميع آثار الإمام (عليه السلام). لكن ما جُمع في نهج البلاغة من الخطب و الرسائل و المواعظ كان أكثر شيوعًا وأكثر ترتيبًا وقريبة من الكمال.
جمع السيد الرضي نهج البلاغة في وقت كان قد مضى على استشهاد أمير المؤمنين عليه السلام قرابة 350 سنة. جمعها من مؤلفات سابقة، وهذا يوضح أن العديد من العلماء قبله كانوا قد بدأوا بتجميع تلك الآثار.
وقد أشار العلماء والمؤرخون في كتبهم ، أن هناك 22 كتابًا قبل تأليف كتاب نهج البلاغة، كانت موجودة قد تضمنت جميعها كلمات ورسائل ومواعظ الإمام عليه الصلاة والسلام، و أول كتاب أُلّف في هذا الحقل اسمه "خطابات علي على المنبر" ،لزيد بن وهب الذي ولد قبل الاسلام ثم أسلم. وبعد وفاة الرسول صلى الله عليه وآله انضم إلى أصحاب عليّ (عليه السلام) فكان من أعوانه المخلصين الى أن استشهد الامام عليه السلام. توفي زيد بن وهب سنة 96 هـ.
و بعده ، تم تجميع تلك العشرين و كان آخرها في هذا الموضوع لأبي عثمان الجاحظ. الذي توفي عام 225 هـ ، وكتابه يسمى "مائة من أقوال من أمير المؤمنين علي (عليه السلام)" وقد نقل منه السيد الرضي في كتاب نهج البلاغة.