أهمية طرح قضية الغدير

ما عُرف في تاريخ الإسلام بقضية الغدير، يُعد من أهم القضايا الإسلامية، من حيث الخطورة والحساسية. بسبب أنها تمثل المحور والأساس الذي يتم على أساسه تحديد الاتجاه العام للإنسان المسلم، ويرتسم خط مسيره إلى مصيره، سواء من الناحية العقائدية، أو الفكرية، أو في نطاق التشريع، أو في الارتباط الشعوري والعاطفي. ومن أجل ذلك، يصبح بحث قضية الغدير بالغ الأهمية لكل مسلم يؤمن بربه واليوم الآخر.

نزل قوله تعالى: يا أَيهَا الرَّسُولُ بَلِّغْ مَا أُنزِلَ إِلَيك مِن رَّبِّك وَإِن لَّمْ تَفْعَلْ فَمَا بَلَّغْتَ رِسَالَتَهُ وَاللّهُ يعْصِمُك مِنَ النَّاسِ إِنَّ اللّهَ لاَ يهْدِي الْقَوْمَ الْكافِرِينَ.[1]في حِجة الوداع، ليؤكد على لزوم تبليغ النبي صلى الله عليه وآله، لما أُمر به من أمر الإمامة، وولاية علي عليه السلام، على الناس.

الغدير و دفع توهم

وما يراه البعض: من أن الآية قد تضمنت تهديداً للرسول نفسه، بالعذاب والعقاب إن لم يبلِّغ ما أنزل إليه من ربه، فالصواب أن التهديد الحقيقي موجه لفئات من الناس، كان يخشاها الرسول، وقد صرح هو صلى الله عليه وآله بذلك، لأنه صلى الله عليه وآله، لم يكن ممتنعاً عن الإبلاغ، بل كان ممنوعاً منه، فالتهديد له لو سلّمنا به، فإنما هو من باب: إياك أعني، واسمعي يا جارة.

إن قضية الغدير قضية كبرى للإيمان وللإنسان، قد تبقى القضية الأكثر حساسية وأهمية، لأنها الأكثر صلة بالإيمان وبالإنسان، والأعمق تأثيراً في حياة هذا الكائن، وفي بنية شخصيته من الداخل، وعلى علاقاته بكل من وما يحيط به، أو يمت إليه بأدنى صلة أو رابطة من الخارج.

وقضية الغدير لا تقتصر على أن تكون مجرد قضية خلافة وحكم وسلطة في الحياة الدنيا، ولا هي قضية أن يحكم هذا، أو يحكم ذاك لسنوات معدودة، وينتهي الأمر... وإن كان الذين تصدوا للحكم، واستأثروا به لأنفسهم قد قصدوا ذلك. لأنهم قد عملوا على تكريس مفهوم الإمامة والخلافة الإلهية في كل شخصية تصدت للحكم. وقد سرت تلك المفاهيم المخترعة في الناس، وأصبحت أمراً واقعاً، لا مفر منه ولا مهرب، ولا ملجأ منه، وصار أرباب الفرق والمذاهب الإسلامية يدَّعون شيئاً، ويمارسون شيئاً آخر، فهم يعتقدون بالخلفاء أكثر مما يعتقده الشيعة في أئمتهم، ويمارسون ذلك عملاً، ولا يعترفون به قولاً، بل هم ينكرون على الشيعة اعتقادهم في أئمتهم ما هو أخف من ذلك وأيسر.

المصدر:

[1] . سورة المائدة، الآية 67.