فضيلة العلم في نهج البلاغة

08:40 - 2022/02/20

إن كمال الانسان العلم الذي هو الغرض الاصلي من خلقته ، في تحصيل العلوم الدينية فانها أفضل السعادات وأشرف الكمالات

فضيلة العلم في نهج البلاغة

قال أميرالمؤمنين(عليه السلام): الْعِلْمُ وِراثةٌ كَريمةٌ والْآدابُ حُلَلٌ حِسانٌ والْفِكْرُ مِرآةٌ صافِيةٌ وَالْاِعْتبار مُنْذِرٌ ناصِحٌ وَكَفى بِكَ أدَباً لِنَفْسِكَ تَرْكُكَ ماكَرِهْتَهُ لِغَيْرِكَ.[1]

عَبّر الامام عن "العلم" بأنه "ميراث" ، لأنه كما يرث الابن ثروة من أبيه ، فإن كل عالم يرث العلم والمعرفة من استاذه. وبما أن هناك خاصية في تراث المعرفة لا توجد في وراثة الملكية ، فإن تراث المعرفة يوصف بالكرامة "وراثة كريمة". ومنشأ هذه الخاصية هو بقاء العلم وذهاب الثروة. الممتلكات التي يرثها الابن من الأب معرضة للإبادة والدمار ، بينما تبقى المعرفة في مأمن من الأخطار التي تهدد المال.

وقد عُبّر عن الآداب والأخلاق الحميدة على أنها زينة متجددة ودائمة ، لأن الفضائل زينة للنفس ، كما أن الثياب والحلي هي زينة لجسم الإنسان. إن وصف هذه الزخارف الباطنية على أنها متجددة ودائمة يرجع إلى حقيقة أنها بسبب التغلغل في الروح ، فهي دائمة ومرتبطة بالانسان.

وعُبّر عن الفكر بأنه "مرآة صافية" ؛ والفكر قد يراد به القوة المفكرة .واستعار لها لفظ المرآة باعتبار أنها إذا وجهت نحو تحصيل المطالب التصورية والتصديقية أدركها وتمثلت بها كما يتمثل في المرآة صور مايحاذى بها.

 إن الخير في العرف العامي هو كثرة المال و القينات الدنيوية وفي عرف السالكين إلى اللَّه هوالسعادة الاخروية وما يكون وسيلة إليها من الكمالات النفسانية، لذا قال الامام عليه السلام : لَيْسَ الخَيْرُ أنْ يَكْثُرَ مالُكَ وَوَلَدُكَ وَلكِنَّ الخَيْرَ أنْ يَكْثُرَ عِلْمُكَ.

وفي مقام و منزلة العلماء عند الانبياء، قال الامام عليه السلام: إنَّ أوْلَى النَّاسِ بِالْأنْبِياء أعْلَمُهُمْ (اعملهم) بِما جاؤُوا بِهِ ثُمَّ تَلا(عليه السلام):اِنَّ أوْلَى النَّاسِ بِإبْراهِيمَ لَلَّذِينَ اتَّبَعوُهُ وَهذَا النَّبِيُّ وَالَّذِينَ آمَنُوا.[2]

وقد علّق البحراني على ذلك وقال :

لما كان الغرض من الأنبياء(عليهم السلام) جَذْبُ الخلقِ إلى اللَّه بطاعته فكلُّ مَن أبلغ في الطاعة كان أشدَّ موافقة لهم وأقربَ إلى قلوبهم وأقوى نسبةً إليهم ولما لم يكن طاعتُهم إلا بالعلم بما جاؤوا به كان أعلمُ الناس بذلك أقربَهم إليهم وأولاهم بهم وبرهان ذلك الآيةُ المذكورةُ.[3]

ان جميع الناس يحتاجون إلى العالم في أمر دينهم، ولا يحتاجون إلى صاحب المال. لذا عند المقارنة بين العلم و المال ، بيّن الامام علي عليه السلام أن العلم افضل، قال مخاطبا كميل ابن زياد :ياكُمَيْلُ! الْعِلْمُ خَيْرٌ مِنَ الْمالِ، الْعِلْمُ يَحْرُسُكَ وَأنْتَ تَحْرُسُ الْمالَ، وَالْمالُ تَنْقُصُهُ النَّفَقَةُ، وَالْعِلمُ يَزْكُو عَلَى الْإنفاقِ، وَصَنيِعُ الْمالِ يَزوُلُ بِزَوالِهِ.

ياكُمَيلُ بْنُ زِيادٍ! مَعْرِفَةُ العِلْمِ دِينٌ يُدانُ بِهِ، بِهِ يَكْسِبُ الْإنْسانُ الطَّاعَةَ في حَياتِهِ، وَجَمِيلَ اْلاُحْدُوثَةِ بَعْدَ وَفاتِهِ. وَالْعِلْمُ حاكِمٌ، وَالْمالُ مَحْكُومٌ عَلَيْهِ.

يا كُمَيلُ! هَلَكَ خُزَّانُ الْأموالِ وَهُمْ أحْياءٌ وَالْعُلَماءُ باقُونَ مابَقِيَ الدَّهْرُ: أعْيانُهُمْ مَفْقُودَةٌ، وَأمْثالُهُمْ فِي الْقُلُوبِ مَوْجُودَةٌ.[4]

المصادر:

[1] - الحكمة الخامسة من حكم نهج البلاغة

[2] - سورة آل عمران، آية 68

[3] - شرح ابن ميثم، ج 5 ص، 289 .

[4] - نهج البلاغة، ص 496

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 4 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.