ابن السكيت يعد من أبرز العلماء والأدباء في العصر العباسي وهو من أصحاب الإمامين محمد التقي وعلي النقي (عليهما السلام) والمقال التالي يبحث عن هذه الشخصية العظيمة باختصار.
ابن السكّيت بكسر السين و تشديد الكاف هو أبو يوسف يعقوب بن اسحاق الدورقي الأهوازي الشيعي من أبرز أئمة اللغة و الأدب، ذكره كثير من المؤرخين و أثنوا عليه و كان ثقة جليلا من عظماء الشيعة و يعدّ من خواص الإمامين التقيّين عليهما السّلام، و كان حامل لواء علوم اللغة العربية و الأدب و الشعر و اللغة و النحو، و له تصانيف كثيرة مجدية؛ منها كتاب إصلاح المنطق، قتله المتوكّل العباسي في الخامس من شهر رجب المرجب سنة (244ه)، و سببه انّ المتوكّل قال له ذات يوم: أيّما أحبّ اليك ابناي هذان، أي المعتزّ و المؤيّد، أم الحسن و الحسين؟
فقال ابن السكّيت: و اللّه انّ قنبرا خادم عليّ بن أبي طالب عليه السّلام خير منك و من ابنيك هذين، فقال المتوكّل لحاشيته الأتراك: سلّوا لسانه من قفاه، ففعلوا فمات، و قيل: بل أثنى على الحسن و الحسين عليهما السّلام و لم يذكر ابنيه فأمر المتوكّل الأتراك فداسوا بطنه فحمل الى داره فمات بعد غد ذلك اليوم، و من الغريب انّه وقع فيما حذّره من عثرات اللسان بقوله قبل ذلك بيسير:
يصاب الفتى من عثرة بلسانه
و ليس يصاب المرء من عثرة الرّجل
فعثرته في القول تذهب رأسه
و عثرته في الرجل تبرأ عن مهل
ولا يخفى انّ أمثال هؤلاء العلماء الأعلام كانوا يعلمون وجوب التقيّة و لكنّهم كانوا يصيرون غضبا للّه تعالى بحيث لا يبقى لهم خيار عند سماع هذه الأباطيل والترهات كما هو المعهود فيمن كان له قوّة في الدين، رضي اللّه عنهم أجمعين.[1]
وقال السيّد محسن الأمين في أعيان الشيعة: كان علماً من أعلام الشيعة وعظمائهم وثقاتهم، ومن خواص الإمامين محمد التقي وعلي النقي (عليهما أفضل الصلوة و السلام)، وكان حامل لواء الشعر والأدب والنحو واللغة في عصره.
أجمع المؤرخون وأرباب اللغة على أن ابن السكيت: كان إليه المنتهى في اللغة.
وكان هذا الاعتراف من أئمة النحو وكبار علماء اللغة, يقول إمام الكوفيين وثالث ثلاثة قامت على أعمالهم مدرسة الكوفة النحوية أبو العباس أحمد بن يحيى البغدادي الشيباني الملقب بـ (ثعلب):
أجمعوا ــ أي أئمة النحو ــ أنه لم يكن أحد بعد ابن الأعرابي أعلم باللغة من ابن السكيت ...
ويقول أيضاً: ما عرفنا لابن السكيت خربة قط , وكان يتشيّع.
ويقول أيضاً: كان ابن السكيت يتصرّف في أنواع العلوم ..
ويقول عنه الذهبي في سير أعلام النبلاء: شيخ العربية، أبو يوسف يعقوب بن إسحاق بن السكيت البغدادي النحوي المؤدب، مؤلف كتاب (إصلاح المنطق)، ديّن خيّر، حجة في العربية...
ويقول أبو الطيب اللغوي في مراتب النحويين: أن علم الكوفيين قد انتهى إليه، وأنّه أحسنُ تأليفاً من ثعلب.
ويقول ياقوت الحموي في معجم الأدباء: أنّه لم يكن بعد ابن الأعرابي مثله بين اللغويين .[2]
ومن مؤلفاته القيمة (إصلاح المنطق) كتاب في مجال اللغة و من أشهر آثاره، و قد أثار من بعده اهتمام علماء اللغة و إطراءهم لفترة طويلة، و كان مرجعا لهم. ضبط المؤلف في هذا الكتاب كثيرا من الكلمات والمفردات العربية، و تناولها من حيث الصرف و الفصاحة و عدم الفصاحة والبلاغة والندرة و الشذوذ و غيرها. و يعدّ هذا الأثر من أكثر كتب اللغة اعتبارا، و يؤيد ذلك الشروح و التلخيصات الكثيرة التي كتبت عليه.
فسلام عليه يوم ولد ويوم مات ويوم يبعث حيا.
المصادر:
[1] .القمی، سفینة البحار، ج4، ص207.
[2] . الحموي، معجم الأدباء، ج 20، ص 50.