يعد الإمام الحسين عليه السلام رمزًا عظيمًا في الإسلام، وقد أثارت نهضته في كربلاء تساؤلات حول دوافعها واعتبارها واجبًا دينيًا. في هذا المقال، نستعرض الحجج المتعلقة بهذا الموضوع والردود عليها استنادًا إلى النصوص المتعلقة به.
أثار بعضهم اعتراضًا حول نهضة كربلاء كواجب على الإمام الحسين عليه السلام، قائلين بأن هذا الرأي يتعارض مع الحديث "إن الحسين مصباح هدى وسفينة نجاة"[1]الذي يعد الإمام مثالاً يُرشد الناس ويبين لهم الطريق، لذا قالوا بأن قيام كربلاء لم يكن واجباً على الإمام.[2]
والجواب:
أولاً: من الضروري لأي شخص يريد أن ينسب شيئاً إلى الإمام حسين عليه السلام أو ينفيه، أن يجري بحثاً كاملاً في روايات أهل البيت عليهم السلام. فمجرد أن يبدو للوهلة الأولى أن واجب قيام كربلاء يتعارض مع حديث ما، لا يمكن أن يكون مبرراً للحكم بأن قيام كربلاء لم يكن واجباً على الإمام عليه السلام. إذ ورد في الروايات أن الأئمة الأطهار عليهم السلام كانوا يعدّون جميع الأعمال التي يقومون بها في الدنيا واجباً عليهم، وأن الله تعالى أخذ منهم هذا العهد والميثاق. وقد أورد الشيخ الكليني في كتابه "الكافي" باباً بعنوان:
"إن الأئمة لم يفعلوا شيئاً ولا يفعلون إلا بعهد من الله وأمر منه لا يتجاوزونه".
والجدير بالذكر أن هذه المسألة كانت مهمة إلى درجة أن الشيخ الكليني خصص لها بابًا مستقلًا في كتابه الكافي، وروى فيه الروايات المتعلقة بهذا الأمر.[3]
كما ورد في رواية أن الإمام الصادق عليه السلام قال: "إن لكل واحد منا صحيفة فيها ما يحتاج إليه أن يعمل به في مدته... وإن الحسين قرأ صحيفته التي أعطيها... فخرج للقتال".[4]
نهضة كربلاء لا تعارض حديث مصباح الهدى
ثانيًا: اعتبار الإمام الحسين عليه السلام نهضة كربلاء واجبًا خاصًا به وأن الله أخذ منه هذا العهد في عالم الذر، لا يتعارض بأي شكل من الأشكال مع رواية مصباح الهدى، بل لا عَلاقة بينهما أصلًا. فهذه الرواية تؤكد أن الإمام الحسين عليه السلام هو مصباح الهدى وسفينة النجاة، وأن من يتصل بهذا المصباح ويركب سفينة النجاة سينال الهداية. ولا عَلاقة لذلك بكون الإمام الحسين عليه السلام اعتبر نهضة كربلاء واجبًا عليه.
والحاصل، أنه يمكن القول إن قيام الإمام حسين عليه السلام في كربلاء كان واجباً مقدساً، حيث عدّه جزءاً من رسالته، ولم يتعارض مع كونه مصباحاً للهدى وسفينةً للنجاة. فإن الالتزام بالدعوة إلى الحق والعدل هو جوهر رسالته، مما يضفي معنى عميقاً على أحداث كربلاء.
المصادر:
[1] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج ٩١، ص ١٨٤.
[2] . عاشورا پژوهی، صحتی سردرودی، ص336.
[3] . الكافي، الشيخ الكليني، ج1، ص279.
[4] . الكافي ج1، ص283.