صيام عاشوراء عقيدة يهودية

15:44 - 2024/07/22

-إن القول والإدعاء بأن النبي الأكرم صلى الله عليه وآله شرع صيام عاشوراء تبعا لليهود هو طعن في النبي الكريم.

صيام عاشوراء عقيدة يهودية

إن ذكرى عاشوراء الأليمة لها وقعها في قلوب المؤمنين، لما تحمله من ذكرى دموية وانتهاك لحرمات الله تعالى على يد أعداء الله ورسوله، حيث بغى من يتستر بالإسلام وقتل ريحانة رسول الله صلى الله عليه وآله وأولاده وأصحابه، وسبى أهله، ورغم ذلك فإنك تعجب من كمية الدس المتعمد من المخالفين في كتبهم، حيث سطروا روايات مكذوبة زعموا أنها تشرع الصوم في العاشر من محرم، بل ذهب البعض فيهم ومنهم إلى اعتباره أعني عاشوراء يوم فرح وسرور وأعراس.

صيام عاشوراء عقيدة يهودية

في عقيدة المخالفين أن يوم عاشوراء هو يوم صيام وعيد وفرح؛ صامه النبي صلى الله عليه وآله وأمر بصيامه وذلك لما وجد اليهود تفعل ذلك كتعظيم منهم له لأن الله نجى فيه نبي الله موسى عليه السلام وبني اسرائيل، وهذا ما نطقت به الروايات التي أحدثوها في كتبهم ونسبوها إلى النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، ففي رواية يرويها أبو موسى الأشعري قال: "كان أهل خيبر(وهم يهود) يصومون يوم عاشوراء، يتخذونه عيدا ويلبسون نساءهم فيه حليهم وشارتهم، فقال رسول الله صلى الله عليه (وآله) وسلم: فصوموه أنتم".[1]

وفي حديث آخر لعبد الله بن عباس قال: "قدم النبي صلى الله عليه (وآله) وسلم المدينة فرأى اليهود تصوم يوم عاشوراء، فقال: ما هذا؟ قالوا: هذا يوم صالح؛ هذا يوم نجى الله بني إسرائيل من عدوهم، فصامه موسى. قال: فإنا أحق بموسى منكم، فصامه، وأمر بصيامه".[2]

فإذا كان الأمر حسب ما يزعم المخالفون نقول لهم : كيف تدعون أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم شرع صوم عاشوراء تبعا لليهود ؛ مع أن كتبكم تقول بأن اليهود على ضلال وانحراف، ولا يجوز اتباع سننهم وأقوالهم وأفعالهم، وأنهم ليسوا على شيء، فهل يُعقل أن يأتي النبي بالأحكام والتشريعات الإسلامية الإلهية من  المنحرفين والضالين اليهود كما وصفتهم كتبكم..؟!

أضف إلى ذلك أنه -حسب هذه الروايات- يلزم القول بجهل النبي صلى الله عليه وآله وسلم بوقت نجاة النبي موسى عليه السلام، وعدم علمه المسبق بأن اليهود تصوم يوم عاشوراء تعظيما لنجاة كليم الله ونبي من أولي العزم من الرسل..!زد على ذلك _وبحسب روايات المخالفين أيضا_ أنه يلزم أن يكون النبي صلى الله عليه وآله وسلم تابعا لليهود عامل بشرعهم منقاد لأقوالهم وأفعالهم، لا أن اليهود تابعين له وعاملين بشرعه وأحكام الله تعالى، وهذا قطعا خلاف غرض ارساله ودعوته إلى الإسلام وتشريعاته..!

فيظهر من هذه اللوازم الفاسدة الوجوه الخاطئة أن القول بتشريع الصوم يوم عاشوراء طبق فلسفة المخالفين وكما صوروه يتضمن الطعن في النبي الأكرم صلى الله عليه وآله، الذي شرفه الله بالتشريع الإلهي السماوي من خلال الوحي الذي يهبط به جبرائيل عليه السلام.

وعلى هذا فإن النتيجة اليقينية التي نخرج بها هي أن التشريع المزعوم للصوم في العاشر من محرم لا علاقة له بالنبي صلى الله علیه و آله ولم يأمر به، بل بمقتضى روايات القوم يثبت كون الصوم يوم عاشوراء مرده إلى عقيدة يهودية بحتة، وليس عقيدة اسلامية. فما بال القوم كيف يحكمون..؟!

عاشوراء

المخالفون دسوا أحاديث صيام عاشوراء

في مستدرك سفينة النجاة عن الأمالي والعلل ينقل صاحبه رواية جليلة القدر تبين _وبأسلوب غيبي_ كيف أن المخالفين سيزيفون روايات ويضعون أحاديث كاذبة ومكذوبة خدمة لشرعنة صيام عاشوراء المزعوم؛ وما ذلك إلا من أجل تحريف حقيقة عاشوراء، واخفاء ما وقع فيه من هتك لحرمات الله ورسوله وأهل بيته الكرام، فتقول الرواية:

عن جبلة المكية قالت: سمعت ميثم التمار يقول: "والله لتقتل هذه الأمة ابن نبيها في المحرم لعشر يمضين منه، وليتخذن أعداء الله ذلك اليوم يوم بركة، وإن ذلك لكائن قد سبق في علم الله تعالى ذكره، اعلم ذلك بعهد عهده إلى مولاي أمير المؤمنين عليه السلام - إلى أن قال:

قالت جبلة: فقلت له: يا ميثم وكيف يتخذ الناس ذلك اليوم الذي يقتل فيه الحسين عليه السلام يوم بركة؟ فبكى ميثم ثم قال: سيزعمون لحديث يضعونه أنه اليوم الذي تاب الله فيه على آدم، وإنما تاب الله على آدم في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الذي قبل الله فيه توبة داود، وإنما قبل الله توبته في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الذي أخرج الله فيه يونس من بطن الحوت، وإنما أخرج الله يونس في ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الذي استوت فيه سفينة نوح على الجودي، وإنما استوت في الثامن عشر من ذي الحجة. ويزعمون أنه اليوم الذي فلق الله عز وجل البحر لبني إسرائيل، وإنما كان ذلك في ربيع الأول".[3]

وهذا ما يوضح التنافض الحاصل في الروايات الموضوعة والمزعومة، فبعضها يقول بأن الرسول أخذ تشريع صوم عاشوراء عن اليهود -كما مر- وبعضها الآخر يقول بأن قريشا كانت تصومه في الجاهلية وأن النبي كان يصومه معهم، وهذا ما روته عائشة حيث قالت: "كان يوم عاشوراء يوما تصومه قريش في الجاهلية، وكان رسول الله صلى الله عليه وسلم يصومه في الجاهلية، فلما قدم رسول الله صلى الله عليه وسلم المدينة صامه وأمر بصيامه، فلما فرض رمضان كان هو الفريضة وترك عاشوراء، فمن شاء صامه، ومن شاء تركه".[4]

وتبقى عدم صحة تشريع الصوم في العاشر من محرم الحرام عن النبي صلى الله‌ عليه وآله هي القائمة، وما التناقض الحاصل واللخبطة عند المخالفين إلا مؤشر على ذلك، فحسب القوم قضية عاشوراء وما جرى فيه هين وهو عند الله عظيم.

________

المصادر:

[1] صحيح مسلم، ص1131.

[2] صحيح البخاري، ص2004.

[3] مستدرك سفينة البحار، الشيخ علي النمازي الشاهرودي، ج٧، ص٢٣٧.

[4] سنن أبي داود، ص2442

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
18 + 2 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.