الإسلام لم يُفرض

18:22 - 2024/07/23

كان النبي صلى الله عليه وآله بشيرا ونذيرا ولم يكن للإسلام بالسيف فارضا دمويا.

الإسلام لم يُفرض

لقد كفل الإسلام الحرية الإعتقادية للإنسان، فالنبي الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم في كل مراحل وأطوار الدعوة لم يُجبر أحدا ويُرغمه على الدخول في الإسلام، بل دعا الناس إلى دين الله بالحكمة والموعظة الحسنة حتى دخل الناس في دين الله أفواجا أفواجا مختارين لا مكرهين، وأما ما راج في بطون بعض الكتب من أن النبي صلى الله عليه وآله كان همه الغزو أو أن الإسلام انتشر بالسيف والدم فهو محض دجل وأكاذيب.

الإسلام لم يُفرض

كانت وظيفة النبي الأكرم صلى الله عليه وآله -كباقي الأنبياء- التذكير والإرشاد لا الإجبار والإكراه. وفي القانون الإلهي لايوجد شيء يسمى الفرض والإلجاء والإجبار على الإسلام، أوأي ديانة حقّة أخرى سلفت، وذلك لسببين:[1]

الأول: أنه بعد بيان الأدلة والبراهين الواضحة والمعجزات الجلية لم تكن ثمة حاجة لأن يُفرض الإسلام بالقوة على أحد. فالقوة إنّما يستخدمها من أعوزه المنطق و الحجّة. و الدين الإلهي ذو منطق متين و حجّة قويّة.

الثاني: أن الدين القائم على أساس مجموعة من العقائد القلبية لا يمكن أن يفرض بالإكراه. حيث إن عوامل القوّة والسيف تأثيرها في الأجسام، لا في الأفكار و المعتقدات.

إن القائلين بأن الدين الإسلامي انتشر بالسيف والدم تناسوا الإعلان القرآني الصريح والفصيح { لَا إِكْرَاهَ فِي الدِّينِ}[2] ‌، وما الحروب التي خاضها نبي الإسلام إلا من باب الدفاع عن النفس أو إنقاذ الفئة المستضعفة الرازحة تحت سيطرة طواغيت الأرض و تحريرها من‌ ربقة العبودية لتستنشق عبير الحرية و تختار بنفسها الطريق الذي ترتئيه.

الإسلام

إن كل من يطالع التاريخ الإسلامي يدرك هذه الحقيقة، و قد جاء في بعض كتب التاريخ أنّ جمعا من المسيحيين الذين كانوا قد زاروا رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلّم للتحقيق و الاستفسار أقاموا قدّاسا في مسجد النبي في المدينة بكلّ حرّية. وهذا ما يعترف به حتى المسيحيين الذين كتبوا في الإسلام. يقول مؤلّف (حضارة الإسلام أو العرب) : "كان تعامل المسلمين مع الجماعات الأخرى من التساهل بحيث إنّ رؤساء تلك الجماعات كان مسموحا لهم بإنشاء مجالسهم الدينية الخاصّة".

إنّ الإسلام- من حيث المبدأ- توسّل بالقوّة العسكرية لثلاثة امور:[3]

الأمر الأول: لمحو آثار الشرك و عبادة الأصنام، لأنّ الإسلام لا يعتبر عبادة الأصنام دينا من الأديان، بل يراها انحرافا و مرضا و خرافة، و يعتقد أنّه لا يجوز مطلقا أنّ يسمح لجمع من الناس أن يسيروا في طريق الضلال و الخرافة، بل يجب إيقافهم عند حدّهم. لذلك دعا الإسلام عبدة الأصنام إلى التوحيد، و إذا قاوموه توسّل بالقوّة و حطّم الأصنام و هدّم معابدها، و حال دون بروز أي مظهر من مظاهر عبادة الأصنام، لكي يقضي تماما على منشأ هذا المرض الروحي و الفكري، كما في قوله تعالى: {وَقاتِلُوهُمْ حَتَّى لا تَكُونَ فِتْنَةٌ}.

الأمر الثاني: لمقابلة المتآمرين للقضاء على الإسلام، عندئذ كانت الأوامر تصدر بالجهاد الدفاعي و بالتوسّل بالقوّة العسكرية. وكل الحروب الإسلامية على عهد رسول اللّه صلى اللّه عليه و آله و سلم كانت من هذا القبيل.

الأمر الثالث: للحصول على حريّة الدعوة و التبليغ. حيث إنّ لكل دين الحقّ في أن يكون حرّا في الإعلان عن نفسه بصورة منطقية، فإذا منعه أحد من ذلك فله أن ينتزع حقّه هذا بقوّة السلاح.

يقول العلامة الطباطبائي في ميزانه: "قوله تعالى : (لا اكراه في الدين) فيه نفي للدين الاجباري ، لأن الدين سلسلة من المعارف العلمية التي تتبعها أخرى عملية يجمعها أنها اعتقادات ، والاعتقاد والايمان من الامور القلبية التي لا يحكم فيها الاكراه والاجبار ، فإن الاكراه انما يؤثر في الاعمال الظاهرية والافعال والحركات البدنية المادية ، وأما الاعتقاد القلبي فله علل وأسباب اخرى قلبية من سنخ الاعتقاد والادراك ، ومن المحال أن ينتج الجهل علما ، أو تولد المقدمات غير العلمية تصديقا علميا ..".[4]

فإذا كانت القاعدة التي أسسها القرآن الكريم هي الحرية في الإعتقاد لكل الناس، فإن هذه الحرية لا تعني أن صاحبها غير مدان وغير محاسب إذا ركن إلى الإعتقادات المنحرفة والضالة، لأن القرآن المجيد عبر بعد قوله تعالى: (لا إكراه في الدين) بالقول في نفس الآية: { قَدْ تَبَيَّنَ الرُّشْدُ مِنَ الْغَيِّ فَمَنْ يَكْفُرْ بِالطَّاغُوتِ وَيُؤْمِنْ بِاللَّهِ فَقَدِ اسْتَمْسَكَ بِالْعُرْوَةِ الْوُثْقَى لَا انْفِصَامَ لَهَا}[5] ، فقد بينت المحجة وأُلقيت الحجة ومعه لا مناص من التسليم بدين الله والإسلام والكفران بالطاغوت.

______

المصادر:

[1] عن تفسير الامثل، الشيخ مكارم، ج2، ص261، بتصرف.

[2] سورة البقرة، الآية256.

[3] ‌عن تفسير الامثل، الشيخ مكارم، ج2، ص262، بتصرف.

[4] تفسير الميزان، العلامة الطباطبائي، ج2، ص342، بتصرف.

[5] سورة البقرة، الآية256

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
3 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.