حادثة كربلاء في مواجهة التحديات

13:30 - 2024/07/14

ثار الإمام الحسين عليه السلام، الذي هو تجسيد للقيم المثلى للإسلام، من أجل إيقاف الانحدار نحو السقوط، بسبب إغراء السلطة وموقف الصحابة من المناصب والمال.

كان انحدار الصحابة والمجتمع، يتجه إلى نقطة لن يبقى فيها شيء؛ بحيث إذا أراد الناس في وقت ما أن يعيشوا حياة إسلامية، لن يكون لديهم شيء يعتمدون عليه. في هذا الحال، ثار الإمام الحسين عليه السلام ووقف وحده في وجه هذا الانحدار السريع نحو السقوط. وضحى بنفسه، وبحياة أحبائه، وأهل بيته لكي يحقق مقولة النبي وأنا من حسين، مما يعني أن هذا النبي يحيى بالحسين بن علي عليهم السلام.

لقد تغيرت المفاهيم والقيم الإسلامية منذ اليوم الأول من وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، لرسوخ المفاهيم الجاهلية في أذهان كبار الصحابة ، ففي ذات يوم، "قَالَ عُمَرُ لِسَلْمَان الفارسي: ‌أَمَلِكٌ ‌أَنَا ‌أَمْ ‌خَلِيفَةٌ؟" يطرح عمر هذا السؤال وينسى أن النيابة عن رسول الله هي خلافة من الله تعالى، ويتناسى الحوادث التي جرت على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله، حيث اعترض بعضهم على ولاية علي عليه السلام يوم غدير خم، فجاء إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وقال:"أمرتنا من الله أن نشهد أن لا إله إلا الله وأنك رسول الله وبالصلاة والصوم والحج والزكاة فقبلنا منك، ثم لم ترض بذلك حتى رفعت بضبع ابن عمّك ففضلته علينا وقلت: من كنت مولاه فعلي مولاه. فهذا شيء منك أم من الله؟ فقال رسول الله صلى الله عليه وآله: والذي لا إله إلا هو أن هذا من الله"[1]

على أي حال، قَالَ سَلْمَانُ لعمر: "إِنْ أَنْتَ جَبَيْتَ مِنْ أَرْضِ الْمُسْلِمِينَ دِرْهَمًا أَوْ أَقَلَّ أَوْ أَكْثَرَ وَوَضَعْتَهُ فِي غَيْرِ حَقِّهِ، فَأَنْتَ مَلِكٌ غَيْرُ خَلِيفَةٍ"[2]كان جواب سلمان معياراً لمن يتصف بالخليفة ومن يتصف بالملك، فالخلافة والولاية تعني أن تكون الحكومة مصحوبة بالمحبة للشعب، ومليئة بالعاطفة تجاه أفراد الشعب، وليست مجرد حكم وسلطة؛ لكن الملك يعني أن الحاكم والسلطان يفعل ما يشاء، وهذا ما حصل فعلاً في خلافة الخلفاء الثلاثة ومن جاء بعدهم من بني أمية وبني العباس.

الصحابة

الصحابة وفقدان القيم

ونفس مضمون سؤال عمر بن الخطاب لسلمان، نراه راسخاً في عقول بني أمية وأتباعهم، وذلك لما اسْتَعْمَلَ عثمان بن عفان الْوَلِيدَ بْنَ عُقْبَةَ بْنِ أَبِي مُعَيْطٍ مَكَانَ سَعْدٍ بن أبي وقاص على الكوفة، "قَالَ لَهُ سَعْدٌ: أَكِسْتَ بَعْدَنَا أَمْ حَمُقْنَا بَعْدَكَ؟ فَقَالَ: لَا تَجْزَعَنَّ يَا أَبَا إِسْحَاقَ، كُلُّ ذَلِكَ لَمْ يَكُنْ، وَإِنَّمَا هُوَ الْمُلْكُ يَتَغَدَّاهُ قَوْمٌ وَيَتَعَشَّاهُ آخَرُونَ. فَقَالَ سَعْدٌ: أَرَاكُمْ جَعَلْتُمُوهَا مُلْكًا"[3]فالقوم لا يرون ما رآه الله ورسوله من الولاية، واعتقدوا أنها الملك فعاثوا في الأرض فساداً منذ ذلك الزمان إلى أن يرث الله الأرض ومن عليها والعاقبة للمتقين.

بهذا نرى أن حادثة كربلاء كانت امتحاناً عظيماً للقيم الإسلامية في مواجهة التحديات. الإمام الحسين عليه السلام اختار التضحية بنفسه وأحبائه من أجل الحفاظ على هذه القيم وإيقاف انحدار الصحابة والمجتمع الإسلامي نحو الفساد والظلم. هذا يوضح لنا أهمية القيادة بالقيم والمبادئ الإسلامية الصحيحة، وكيف يمكن أن تكون التضحية ضرورة للحفاظ على العدالة والحق في المجتمع.

المصادر:

[1] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج۳۷ ص۱۶۲.

[2] . الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج 2، ص 435.

[3] . المصدر، ج 2، ص 456.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 8 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.