التوازن بين الرحمة والعدالة في سيرة الإمام الحسين

11:17 - 2024/07/23

ذكر البعض في سياق تناوله لقَتَلة علي الأكبر عليه السلام: أن الإمام الحسين عليه السلام لم يكن يحمل ذرة من الحقد البشري في قلبه. لأن الله تعالى خير مطلق ولا يخلق الشر، والإمام عليه السلام كان يشفق على أعداءه.

ما ذكره البعض من إمكان عفو الإمام الحسين عليه السلام يوم القيامة عن أعداءه وقَتلة أهل بيته وأصحابه، بذريعة أنه لم يحمل حِقداً على أحد من البشر، نقول:

إن مؤلف الكتاب[1]يتحدث بطريقة تجعل القارئ يظن أن قتلة وأعداء الإمام الحسين عليه السلام كانوا جميعًا طيبين ومؤمنين ارتكبوا خطأ بسيطًا فحسب، وأن الله سيغفر لهم ذلك.

إنه لا شك في أن الإمام الحسين عليه السلام هو تجسيد لرحمة الله الواسعة، وهو مصباح الهدى وسفينة النجاة، لكن هذه الرحمة الواسعة لا تشمل أعداء الله.

في الحقيقة، أعداء الله تعالى وأعداء أهل البيت بأفعالهم جعلوا أنفسهم مستحقين لغضب الله "الذي سبقت رحمته غضبه" وهو أرحم الراحمين في موضع العفو والرحمة، لكنه "أشد المعاقبين في موضع النكال والنقمة".[2]

فالتمسك بذريعة أن كرم الإمام الحسين عليه السلام كبير، فهو يغفر لقتَلَته، في غير محله، وشفاعة الإمام الحسين عليه السلام، إنما تكون لغير قتَلَته، ولغير أعداء أهل البيت، قال الإمام الباقر عليه السلام: "لما قتل جدي الحسين، ضجت الملائكة إلى الله بالبكاء والنحيب وقالوا: إلهنا وسيدنا، أتغفل عمن قتل صفوتك؟ ... فأوحى الله عز وجل إليهم: قِروا ملائكتي، فَوَعزتي وجلالي لأنتقمنّ منهم"[3]

الإمام الحسين

الإمام الحسين في الأدعية والروايات

وفي دعاء الندبة: "أين الطالب بدم المقتول بكربلاء؟"[4]وقال الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله: "في النار منزلة لا يستحقها أحد من الناس إلا قاتل الحسين بن علي ويحيى بن زكريا".[5]ودعاء الإمام الحسين عليه السلام يوم العاشر "اللهم احصهم عددًا واقتلهم بَدَدًا ولا تذر على الأرض منهم أحدًا".[6]وقوله: "أعلى قتلي تجتمعون؟ أما والله لا تقتلون عبدًا من عباد الله أسخط عليكم لقتله مني"[7]

والخلاصة، إن الإمام الحسين عليه السلام، رغم أنه يمثل تجسيدًا للرحمة الإلهية الواسعة، يحتفظ أيضًا بصفات الغضب الإلهي تجاه أعداء الله وأهل بيته. فالرحمة التي يبديها تكون للمؤمنين والتائبين، لكن العداء المستمر لله ورسوله وأهل بيته يخرج هؤلاء الأعداء من دائرة المغفرة الإلهية.

المصادر:

[1] . عاشورا پژوهی، صحتی سردرودی، ص481.

[2] . فقرة من دعاء الافتتاح، إقبال الأعمال، السيد ابن طاووس، ج 1، ص ١٣٨.

[3] . بحارالانوار، محمد باقر المجلسي، ج37، ص294.

[4] . المزار، محمد بن المشهدي، ص ٥٧٩.

[5] . کامل الزیارات، ابن قولويه القمي، ص77.

[6] . البداية والنهاية، ابن كثير، ج8، ص189.

[7] . الكامل في التاريخ، ابن الأثير، ج7، ص74.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.