السيدة الزهراء وفَقْد الناصر

اختارت الزهراء عليها السلام السكوت، والا لو كان للعترة ناصر لما سكتوا عن المطالبة بحقوقهم، ولَمَا تجرء أحد من أصحاب سقيفة بني ساعدة على ظلمها وظلم زوجها عليهما السلام.

إن بضعة المصطفى صلى الله عليه وآله خاطبت الامام عليّاً عليه السلام لما رجعت من المسجد النبوي، وكانت قد القت خطبتها في جمع من المهاجرين والانصار، فقالت مخاطبةً الامام عليّاً عليه السلام:

"مات العَمَدُ، ووهن العضد، شكواي الى أبي وعدواي الى ربي، اللهم إنك أشد منهم قوة وحولا، وأشد بأسا وتنكيلاً"[1]

إن الزهراء عليها السلام من خلال هذا النص الصريح في خطبتها كشفت عن اشتراك المهاجرين والانصار في ظلامتها، وحددت كيفية الاشتراك في هذا الظلم، فقالت لعلي عليه السلام، تشكو تظلمها وآلامها مما لاقته من أبي بكر، فقالت:

هذا ابن ابي قحافة يبتزني نحلة أبي وبلغة إبنيّ، لقد أجهد في خصامي وألفيته ألدّ في كلامي... فلا دافع ولا مانع، خرجتُ كاظمةً وعُدْتُ راغمةً"[2] 

تخلي الأنصار عن نصرة الزهراء

إنها عليها السلام في هذا النص حددتْ نوع الظلم الذي مارسه القوم بحقها، فقد تخلى الانصار عن عهودهم في نصر النبي صلى الله عليه وآله وعترته بعد أن قدّموا تلك العهود في بيعة العقبتين واكتسبوا بذلك لقب الانصار.

إن الواجب الشرعي الذي ألقي في أعناق الانصار - بني قيلة - هو نصر بضعة سول الله صلى الله عليه وآله لكنهم حبسوا النصر وتركوها للعدو والخصم الذي ألَدَّ في خصام الزهراء عليها السلام كما صرحت بذلك.

فهؤلاء الذين عايشوا النبي صلى الله عليه وآله وصحبوه وسمعوا حديثه ورأوا فعله لا يُعذرون في التهاون بهذه الحقوق التي فرضها الله تعالى عليهم في حفظ شريعته وأهلها، وهم النبي صلى الله عليه وآله وعترته عليهم السلام لاسيما بضعته وقلبه التي بين جنبيه.[3]

إن الامة انتهكت العهود والمواثيق التي أخذت عليهم في حفظ عترة النبي، ولم يكتفوا بذلك بل أقدموا على ترويعهم وقتلهم، كما اقدمت بنو اسرائيل على قتل انبيائهم فاستوجبوا القصاص والعقاب من الله تعالى.

المصادر

[1] . المناقب لابن شهر آشوب، ج2، ص51.

[2] . الاحتجاج - الشيخ الطبرسي، ج ١، ص ١٤٥.

[3] . إشارة الى حديث عن رسول الله وقد أخذ بيد فاطمة وقال: من عرف هذه فقد عرفها، ومن لم يعرفها فهي فاطمة بنت محمد، وهي بضعة مني، وهي قلبي الذي بين جنبي، فمن آذاها فقد آذاني، ومن آذاني فقد آذى الله. بحار الأنوار، ج ٤٣، ص ٥٤.