ظلامات السيدة الزهراء

الحف في السؤال: خاطب علي عليه السلام رسول الله صلى الله عليه وآله بعد أن دفن الزهراء عليه السلام بقوله: "فأحْفِهَا السؤال واستخبرها الحال فكم من غليل مُعتلج بصدرها لم تجد الى بثّه سبيلاً"

كلمة الحف تحمل معاني

إن عليا عليه السلام جاء بكلمة" الحف" في خطابه ولها دلالات ومعاني، فان العرب تقول: "حفّ سمعه كله فلم يبق منه شئ"[1]

وعليه فالمراد من قوله عليه السلام" فاحفها السؤال" أن يسأل رسول الله صلى الله عليه وآله فاطمة الزهراء سلام الله عليها عن كل شئ، فلا يترك شيئا مما وقع على جسدها الا وسيسأل عنه الزهراء لما يراه من حالها.

وبعبارة أخرى إن رسول الله صلى الله عليه وآله عندما يشاهد هيئتها الكاشفة عن حجم الاضرار التي وقعت عليها، من اصفرار الوجه الدال على المرض والارهاق والاجهاد والتعب، يدفعه ذلك الى التدقيق في السؤال عن جميع ما وقع عليها.

فان العرب تقصد من قولها" حف سمعه" ما يكون مرتبطا بهيئة الانسان وظواهره الجسدية ومنها حاسة السمع.

فورود جملة "فاحفها السؤال" في خطاب الامام عليه السلام لرسول الله صلى الله عليه وآله، فيه دلالة على أن حالها قد تغيّر ونزل بجسدها اضرار عطلت موضعا او عضوا او حاسة او ذهاب عافيتها وصحتها، فلم تبق لها صحة في جسدها فأصبحت عليلة الجسد.

إن فاطمة عليها السلام أصيبت بعلة في جسدها مباشرة للهجوم عليها في حادثة الباب، وكسر ضلعها، خصوصا وأن رسول الله قد فارقها وهي على أحسن حال وعافية، وصحيح أن فقدها رسول الله مصيبة عظمتْ عليها لكن لا تفقدها أحد حواسها او أعضائها. فالعلة لا تقع الا بحادث كبير يكون وقوعه مباشرة على الجسد.

ايضا استعمال كلمة الحف، فيه دلالة التكرار، إذ الحف هو القصبة التي تجئ وتذهب" التي يستعملها الحائك في حياكته.[2]

وهذا يحمل معنى طريقة طرح الأسئلة من رسول الله صلى الله عليه وآله على فاطمة الزهراء عليها السلام، فإنها قد لا تتكلم بمجرد سماعها للسؤال، خشية إنزال الاذى بالنبي أو حياءً منه، لكنه عليه السلام يعيد السؤال عدة مرات حتى يصل الى الإجابة ويحصل على مبتغاه.

المصادر

[1] . لسان العرب، مادة حف، ج9، ص 49 -50.

[2] . المصدر، مادة حف، ج9، ص 49 -50.