عطاء الإمام الصادق في السر والعلن

إن الامام الصادق عليه السلام كان يعطي العطاء الجزيل، عطاء لا يخاف صاحبه الفقر، ويأمر أصحابه بذلك فيقول للمعلّى بن خنيس: يا معلّى تحبّب إلى إِخوانك بصلتهم، فان اللّه تعالى جعل العطاء محبّة والمنع مبغضة، فأنتم واللّه إِن تسألوني وأعطيكم أحبّ إِليَّ من ألا تسألوني فلا أعطيكم فتبغضوني.[1]

وقد أعطى الامام الصادق عليه السلام مرَّة فقيراً أربعمائة درهم فأخذهما وذهب شاكراً، ولما سمعه شكر الله تعالى قال الامام لعبده: ارجعه، فقال : يا سيّدي سُئلتَ فأعطيتَ فما ذا بعد العطاء ؟ فقال له: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه وآله: خير الصدقة ما أبقت غنى وإِنّا لم نغنك، فخذ هذا الخاتم فقد أعطيت فيه عشرة آلاف درهم فإذا احتجت فبعه بهذه القيمة.[2]

 وبهذه المعاملة قد امتثل الامام الصادق عليه السلام قوله تعالى: " ولئن شكرتم لأزيدنكم " لأن الشكر داعية المزيد، ولقد زاد سائلاً من ثلاث حبّات عنب إلى كفّين إلى نحو من عشرين درهماً إلى قميص، وما ذاك إِلا لأن السائل قنع في الأولى وحمد اللّه تعالى وما كفَّ عن عطائه إِلا بعد أن كفّ عن الحمد ودعا للصادق عليه السلام.[3]

عطاءه عليه السلام في السر

وأما عطاءه في السر فكثير، لأنه عليه السلام من أهل بيت شأنهم التستر في صلاتهم، لأنهم لا يريدون أن يشاهدوا على الآخذ ذلّة الحاجة والخضوع للمتفضّل المحسن، وإِنهم أزكى نفساً وأعلى شأناً من أن يخافوا الفتنة في الإعلان . ومن ثمّ تجد الصادق إذا جاء الغلس[4] أخذ جراباً فيه الخبز واللحم والدراهم فيحمله على عاتقه ، ثمّ يذهب إلى أهل الحاجة من أهل المدينة فيقسّمه فيهم وهم لا يعرفونه ، وما عَلموا ذلك حتّى مضى لربّه فافتقدوا تلك الصِلات ، فعلموا أنها كانت من أبي عبد اللّه عليه السّلام.[5]

المصدر

[1] . المجلس ، 11 من أمالي الطوسي.

[2] . مشارق الأنوار، ص ١١٣.

[3] . بحار الأنوار، ج47، ص61.

[4]. ظُلمة آخر اللَّيل إذا اختلطَتْ بضَوء الصّباح.

[5] . بحار الأنوار، ج 47 ، ص 38 - 40.