كظم الغيظ صفة حميدة

النبي واهل بيته نماذج في الحلم وكظم الغيظ : الحلم وكظم الغيظ كلاهما ضبط النفس أزاء مثيرات الغضب، فهما من أشرف المزايا، وقد مدح الله سبحانه وتعالى كاظمي الغيظ في كتابه الكريم، فقال:" والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين"[1]

ووردت الأخبار على شرافته وعظم أجره. قال رسول الله صلى الله عليه وآله: من كظم غيظا ولو شاء أن يمضيه أمضاه، ملأ الله قلبه يوم القيامة رضا.[2]

وقد سمع أمير المؤمنين عليه السلام رجلاً يشتم قنبراً، فأراد قنبر أن يردّ عليه، فناداه أمير المؤمنين عليه السلام: مهلاً يا قنبر، دع شاتمك، مُهانا، ترضي الرحمن، وتسخط الشيطان، وتعاقب عودك، فوالذي فلق الحبة وبرأ النسمة، ما أرضى المؤمن ربه بمثل الحلم، ولا أسخط الشيطان بمثل الصمت، ولا عوقب الأحمق بمثل السكوت عنه».[3]

فالرد على الاساءة مرضاة للشيطان ومدعاة لحضوره، فقد ورد أن رجلا شتم أبا بكر بحضرة النبي صلى الله عليه وآله وهو ساكت، فلما ابتدأ لينتصر منه، قام رسول الله صلى الله عليه وآله وقال مخاطبا له: إن الملك كان يجيب عنك ، فلما تكلمت ذهب الملك وجاء الشيطان ، فلم أكن لأجلس في مجلس فيه الشيطان.[4]

إن الحلم ليس من دلائل الضعف ودواعي الهوان كما يظنه السفهاء، بل هو من سمات النبل وسمو الخلق، وكلما عظم الانسان قدرا كرمت اخلاقه وسمت نفسه عن مجارات السفهاء، قال الشعر:

وذي سفه يخاطبني بجهل * فآنف أن أكون له مجيبا

يزيد سفاهةً وأزيد حلماً * كعودٍ زاده الاحراق طيبا

النبي واهل بيته نماذج في الحلم وكظم الغيظ

لقد كان الرسول الأعظم صلى اللّه عليه وآله والأئمة الطاهرون من أهل بيته، المثل الأعلى في الحلم، وجميل الصفح، وحسن التجاوز. فهذا عبد اللّه بن الزبعرى، وكان يهجو النبي صلّى اللّه عليه وآله بمكة، ويعظم القول فيه، فهرب يوم الفتح، ثم رجع الى رسول اللّه واعتذر، فقبل صلى اللّه عليه وآله عذره.

وهكذا كان امير المؤمنين علي عليه السلام أحلم الناس وأصفحهم عن المسيء، فقد ظفر بعبد اللّه بن الزبير، ومروان بن الحكم، وسعيد بن العاص، وهم ألد أعدائه، والمؤلبين عليه، فعفا عنهم، ولم يتعقبهم بسوء.

المصدر

[1] . سورة آل عمران، الآية 134.

[2] . الكافي ، ص 265.

[3] . بحار الأنوار ، ج ٦٨ ،ص ٤٢٤.

[4] . جامع السعادات،ج1،ص34.