دور السيدة زينب في واقعة الطف

شاهدت السيدة زينب عليها السلام عاشوراء واستوعبت الدرس وهي التي شهدت بأم عينها كيف حمت أمها الصديقة الكبرى زوجها أمير المؤمنين عليه السلام، حمته بنفسها حتى سقطت سلام الله عليها بين الباب والحائط.

إن زينب الصديقة عليها السلام كانت ذات صبر عظيم عند كل المصائب التي شاهدتها، فهي التي استضافت أباها ليلة التاسع عشر من شهر رمضان التي فلقت فيها هامته المقدسة في محراب الكوفة. وهي التي كانت عند أخيها الإمام الحسن عليه السلام عندما كان يقذف قطع الدم بعد ان دس معاوية إليه السم عبر زوجته جعدة بنت الأشعث التي قتلته بعد ان مناها معاوية بالأموال وبأن يزوجها من يزيد.

هلك يزيد وهلك نهجه، وقد صدقت مقالة الصديقة زينب عليها السلام لابن زياد، لما سألها كيف رأيت صنع الله بأخيك وأهل بيتك؟ فقالت: ما رأيت إلا جميلا، هؤلاء قوم كتب الله عليهم القتل فبرزوا إلى مضاجعهم وسيجمع الله بينك وبينهم فتحاج وتخاصم فانظر لمن الفلج يومئذ ثكلتك أمك يا بن مرجانة.[1]

السيدة زينب شهدت الطف

لقد شهدت السيدة زينب عليها السلام نهضة السبط الشهيد، فحملت رسالتها إلى الآفاق، ذلك لأن النهضة كانت بالأساس تهدف بعث زلزال في عرش بني أمية وفي الضمائر.

وتلك هي الحكمة في حمل الإمام الحسين عليه السلام العيال معه، وقد قال له رسول الله صلى الله عليه وآله في رؤياه الصادقة التي رآها قبيل خروجه من المدينة، إذ قال له" لقد شاء الله ان يراهن سبايا".

لقد ظنّ بنوأمية أنّ تطواف أسارى آل الرسول في البلاد، برفقة رأس السبط الشهيد و سائر الشهداء، سوف يثير الخوف في نفوس المعارضين، وبالتالي يثبت سلطانهم، لكنهم غفلوا عن  أنّ الذي خطط للنهضة، تعمّد في أن يجعلها نهضة الدم الذي يُقهر السيفَ، و نهضة الضمير الذي يغلب الدينار والدرهم، لذا صارت الرؤوس المقطوعة أكبرَ شاهد على ظلامة أهل البيت عليهم السلام، وعظيم تضحيتهم في سبيل الدين.

لقد كانت الخُطب وكلمات التقريع التي فاضت بها حرائر أهل البيت عليهم السلام، وما كان فيها من استهزاء بالطغيان الأموي، والسخرية من سلطانهم، أكبر ثورة ثقافية في الأمة ضد الطغمة الغاشمة.

زالت حكومة الطغيان وبقي الإسلام ببركة دماء الشهداء، واسمع جواب الإمام زين العابدين عليه السلام لما سأله إبراهيم بن طلحة سؤال شامت، فقد قال له بعد شهادة أبيه: يا علي بن الحسين من غلب؟ فيجيبه الإمام ويقول: إذا أردت أن تعلم من غلب، ودخل وقت الصلاة فأذن ثم أتم.[2] والجواب صريح في أن تلك الفاجعة الفظيعة هي السبب في الحفاظ على الصلاة التي هي عمود الدين.

إذن بقاء الصلاة وبقاء ذكر النبي في الأذان والإقامة دليل غلبة الاسلام على النفاق بفضل شهادة الإمام الحسين عليه السلام، والدورالذي قامت به الصديقة زينب عليها السلام، فخلال عمرها القصير بعد واقعة الطف زرعت في كل أفق من العالم الاسلامي بذور النهضة الحسينية، والعواطف النبيلة تجاه أهل البيت حتى أصبحت لكلمة يا لثارات الحسين الأثر الخاص في نفوس المسلمين، فما ان تنطلق هذه الكلمة حتى يجتمع الناس للنهضة والاستعداد للشهادة، بفضل شهادة الحسين عليه السلام وكلمات الصديقة زينب وسائر أسارى واقعة الطف.

المصادر:

[1] . العوالم، عبد الله البحراني، ص383.

[2] . بحار الأنوار، محمد باقر المجلسي، ج ٤٥، ص ١٧٧.