قد مر في المقالة السابقة أنه ليس من المتوقع من علماء أهل السنة أن يثبتوا حادثة الهجوم على بيت الزهراء عليها السلام مثل الشيعة، ولكن مصادرهم تثبت ذلك بوضوح.
لقد أقر كثير من علماء أهل السنة باستشهاد فاطمة الزهراء عليها السلام بعد أن ثبت لهم بالروايات الحوادث المؤلمة التي جرت بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله، وانتهكت فيها حرمة ابنته عليها السلام.
قال عمر: والذي نفس عمر بيده، لتخرجن أو لأحرقنها على من فيها، فقيل له: يا أبا حفص. إن فيها فاطمة، فقال وإن، ثم اقترب من الباب وركله برجله ودخل.[1]
فاطمة تسقط جنينها
ويقول الذهبي في سيرة ابن أبي دارم الذي يلقبه بالإمام والحافظ والفاضل: "ورجل يقرأ عليه أن عمر رفس فاطمة عليها السلام حتى أسقطت محسنا"[2]
عذر أقبح من فعل
ويقول المعتزلي في شرح نهج البلاغة "حديث الهجوم على بيت فاطمة عليها السلام فقد تقدم الكلام فيه، والظاهر عندي صحة ما يرويه المرتضى والشيعة"[3] ثم يقوم ابن ابي الحديد بتبرير أعمال ابي بكر ويعتبرها منقبة له لأنه ندم على أعماله بعد أن اغضب الله ورسوله باغضاب فاطمة عليها السلام، فيقول: "وحق لأبي بكر أن يندم ويتأسف على ذلك، وهذا يدل على قوة دينه وخوفه من الله تعالى، فهو بأن يكون منقبة له أولى من كونه طعنا عليه".[4]
ومتى أصبح هتك بيوت أبناء الانبياء بعد وفاة رسول الله صلى الله عليه وآله منقبة وفضيلة حتى يعتذر ابن ابي الحديد بذلك لأبي بكر ويقلب المثلبة الى منقبة؟
ايضا ابن تيمية يعترف بمداهمة بيت فاطمة الزهراء عليها السلام ويقول:"ونحن نعلم يقينا أن أبا بكر لم يقدم على علي والزبير بشيء من الأذى.. غاية ما يقال: إنه كبس البيت لينظر هل فيه شيء من مال الله الذي يقسمه، وأن يعطيه لمستحقه"[5]
وفي النهاية، فإن ندم أبي بكر على بعض أفعاله، التي اعترف بها في آخر حياته، يمكن أن يثبت وقوع هذه الحادثة المؤسفة. وقد ذكرت مصادر أهل السنة أن أبا بكر قال في اللحظات الأخيرة من حياته وهو يحتضر: "أما إني لا آسى على شيء، إلا على ثلاث فعلتهن، وددت أني لم أفعلهن... فوددت أني لم أكن كشفت بيت فاطمة وتركته، وإن أغلق علي الحرب".[6].[7]
المصادر:
[1] . علي بن أبي طالب، عبد الفتاح عبد المقصود، ج 4، ص 276-277.
[2] . سير اعلام النبلاء، شمس الدين الذهبي، ج 15، ص 578.
[3] . شرح نهج البلاغة، ابن أبي الحديد، ج 17، ص 109.
[4] . المصدر.
[5] . منهاج السنة النبوية، ابن تيمية، ج 8، ص 291.
[6] . المعجم الكبير، سليمان الطبراني، ج 1، ص 62.