سفينة النجاة في الطوفان

لا يمكن الخلاص من أي طوفان في هذه الدنيا المتلاطمة الأمواج من دون سفينة النجاة ، وليس شرطا أن تكون هذه السفينة من الخشب والحديد، فقد تكون هذه السفينة من جنس الدين الذي يقوّم السلوك ويهب الحياة الطيبة ويقاوم أمام أمواج طوفان الانحراف الفكري، ويوصل أتباعه إلى ساحل النجاة.

وبنا على هذا وردت عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم روايات كثيرة في مصادر الشيعة والسنة تعبر عن أهل بيته - وهم حَمَلَةُ الإسلام - بأنهم " سفينة النجاة ".

فقد حدّثنا أبو ذر الغفاري وقال: أنا أبو ذرالغفاري، من لم يعرفني فأنا جندب صاحب رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سمعت رسول صلى الله عليه وآله وسلم يقول: " مثل أهل بيتي مثل سفينة نوح من ركبها نجا ".[1] " ومن تخلف عنها غرق "[2] أو " من تخلف عنها هلك ".[3]

أهل البيت هم سفينة النجاة

يستفاد من هذا الحديث الصريح الذي تنبأ به النبي بمستقبل الأمة، أنه سوف يطغى الطوفان الفكري والعقائدي والاجتماعي في المجتمع الإسلامي، وعند ذاك ينحصر طريق النجاة الوحيد، بالالتجاء إلى مذهب أهل البيت عليهم السلام دون المذاهب التي اصطنعتها السلطات السابقة والتي لا علاقة لها بأهل البيت عليهم السلام.

جاءت الأمواج المتلاطمة الصاخبة من الماء، فأغرقت كل مكان حيث تصاعد منسوب الماء تدريجا، وبقي المجرمون الجهلة الذين ظنوا أنه طوفان عادي، فصعدوا إلى أعالي القمم والمرتفعات، لكن الماء تجاوز تلك المرتفعات أيضا وخفي تحت الماء كل شئ، وأخذت تلوح للعيون أجساد الطغاة الموتى، واستمرت السفينة بين الأمواج ستة أشهر تماما، من بداية شهر رجب حتى نهاية شهر ذي الحجة، وعلى رواية من عاشر شهر رجب حتى عاشر محرم.[4]

فأهل البيت عليهم السلام هم سفينة النجاة لا غير، وعليه فلا تفيد التوجيهات أولئك الذين أرادوا الجمع بين أهل البيت والصحابة، بتوجيه: أن من أراد النجاة فهو يحتاج الى اثنين: الى سفينة خالية من أي عيب أو نقص، والسفينة هي أهل البيت لحديث " مثل أهل بيتي كمثل سفينة نوح من ركب فيها نجي"

والى نجوم متلألئة توضح الطريق، وهي الصحابة لحديث " أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم " فعندما يركب الإنسان في السفينة وتراقب عيناه النجوم الوضاءة، عندها سيكون هناك أمل بالنجاة.[5]

وهذا التوجيه والتشبيه ليس دقيقا بالرغم من جماله، لأن الأمواج العاصفة والمياه عندما غطت كل العالم، كانت السفينة في حركة دائبة، وليست مثل السفن العادية التي لها مرفأ تتجه إليه مقتدية بالنجوم.

هذا إضافة الى رواية وردت في كتب أهل السنة تنقل عن الرسول الأكرم صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: " النجوم أمان لأهل الأرض من الغرق وأهل بيتي أمان لأمتي من الاختلاف في الدين "[6]

المصادر:

[1] . عيون الأخبار، ج 1، ص 211.

[2] . المعجم الكبير، سليمان بن أحمد الطبراني، ج 3، ص 45.

[3] . أحقاف الحق، القاضي نور الله التستري، الجزء التاسع، ص 280.

[4] . تفسیر القرطبی، ج 5، ص 3269.

[5] . روح المعاني = تفسير الألوسي، محمود الآلوسي ، ج 13، ص 32.

[6] . المستدرك للحاكم، ج3، ص149، نقل الحاكم الحديث وقال هذا حديث صحيح الاسناد ولم يخرجاه.