العوامل المؤثّرة في طول العمر

17:13 - 2015/12/19

الملخص: قام المفسّرون ببحوث مختلفة بما يتناسب مع البحث الوارد في هذه الآيات حول إطالة و إقصار العمر بأمر اللّه، و ذلك بما يتوافق مع الروايات الواردة في هذا الخصوص. طبيعي أنّ هناك سلسلة من العوامل الطبيعية التي تؤثّر على طول أو قصر العمر.

عوامل، طول، العمر

قام المفسّرون ببحوث مختلفة بما يتناسب مع البحث الوارد في هذه الآيات حول إطالة و إقصار العمر بأمر اللّه، و ذلك بما يتوافق مع الروايات الواردة في هذا الخصوص. طبيعي أنّ هناك سلسلة من العوامل الطبيعية التي تؤثّر على طول أو قصر العمر، و التي أصبح أكثرها معروفا عند الناس، كالتغذية الصحيحة بعيدا عن الإفراط و التفريط، العمل و إدامة الحركة، تحاشي المواد المخدّرة، و الإدمانات الخطرة و المشروبات الكحولية، الابتعاد عن المهيّجات المستمرة، التمسّك بإيمان قوي يساعد الإنسان على العيش باطمئنان و هدوء في الملمّات، و يعطيه القدرة على مواجهة ذلك.

و إضافة إلى ذلك، فإنّ هناك عوامل اخرى غير واضحة الارتباط ظاهرا بقضيّة طول العمر، و لكن الروايات أكّدت عليها، و كنموذج نورد الروايات التالية:

أ-عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «إنّ الصدقة و صلة الرحم تعمران الديار و تزيدان في الأعمار» «1».

ب- و عنه صلّى اللّه عليه و آله و سلّم أنّه قال: «من سرّه أن يبسط في رزقه و ينسئ له في أجله فليصل رحمه» «2».

ج- و فيما يخصّ بعض المعاصي مثل الزنا و أثرها في تقصير عمر الإنسان نقرأ في الرواية المشهورة عن الرّسول صلّى اللّه عليه و آله و سلّم: «يا معشر المسلمين إيّاكم و الزنا فإنّ فيه ستّ خصال، ثلاث في الدنيا و ثلاث في الآخرة، أمّا التي في الدنيا فإنّه يذهب بالبهاء، و يورث الفقر، و ينقص العمر» «3».

د- عن الإمام الباقر عليه السّلام أنّه قال: «البر و صدقة السرّ ينفيان الفقر و يزيدان في العمر، و يدفعان عن سبعين ميتة سوء» «4».

كذلك فقد وردت الإشارة إلى المعاصي و الذنوب الاخرى كالظلم، بل مطلق المعاصي.

بعض المفسّرين الذين لم يتمكّنوا من التفريق بين «الأجل المحتوم» و «الأجل المعلّق» اعترضوا على مثل هذه الأحاديث و اعتقدوا بأنّها مخالفة لنصّ القرآن و أنّ عمر الإنسان له حدّ ثابت لا يتغيّر.

توضيح المسألة: لا شكّ أن للإنسان أجلا محتوما و أجلا معلّقا. الأجل المحتوم الذي هو نهاية استعداد الجسم للبقاء، و بحلوله ينتهي كلّ شي‏ء بأمر اللّه. الأجل المعلّق أو المخروم الذي ينتفي بانتفاء شرائطه، مثلا إنسان ينتحر فلو أنّه لم يقم بتلك الكبيرة فإنّه سيبقى لسنوات اخرى يواصل حياته. أو أنّه نتيجة تعاطي المشروبات الكحولية و المواد المخدّرة و ممارسة الشهوات بدون قيد أو شرط، يفقد الجسم قدراته في مدّة قصيرة. في حال أنّه بالابتعاد عن هذه الأمور يستطيع أن يعيش لسنوات طويلة اخرى.

هذه امور قابلة للإدراك و التجربة بالنسبة إلى الجميع، و لا يستطيع أحد أن ينكر ذلك. كذلك فإنّه فيما يخصّ الأقدار فإنّ هناك أمورا ترتبط بالأجل المخروم، و هي أيضا غير قابلة للإنكار. و عليه فإذا ورد في الروايات أنّ الإنفاق في سبيل اللّه أو صلة الرحم تطيل العمر و تدفع أنواعا من البلاء، فهي في الحقيقة تقصد هذه العوامل.

و إذا لم نفصل بين الأجل المخروم و الأجل المحتوم لا يمكننا إدراك كثير من الأمور المتعلّقة بالقضاء و القدر، و تأثير الجهاد و السعي و العمل الدائب في الحياة، و سوف تبقى هذه الأمور غير قابلة للحلّ. هذا البحث يمكن توضيحه بمثال واحد بسيط و هو الآتي:

لو اشترى أحدهم سيارة جديدة بحيث يتوقّع من صناعتها أن تدوم عشرين عاما، بشرط المحافظة عليها و صيانتها، و في هذه الحالة فإنّ الأجل الحتمي لهذه السيارة هو عشرون عاما، و لكن لو لم تتحقّق لها الصيانة المطلوبة و قام صاحبها بتسليمها إلى أشخاص لا مبالين و غير عارفين بقيادة السيارات، أو أن يحملها فوق طاقتها، أو أن يقودها بعنف في طرق و عرة يوميا، فإنّ أجلها المحتوم ذلك يمكن أن يهبط إلى النصف أو العشر، و ذلك هو الأجل المخروم، و نحن نعجب كيف أنّ بعض المفسّرين لم يلتفتوا إلى هذه القضية الواضحة.

المصادر:
1. تفسير نور الثقلين، مجلّد 4، صفحة 354 و 355.
2. المصدر السابق.
3. المصدر السابق.
4. سفينة البحار، المجلّد 2، صفحة 33- مادّة صدقة.
5. الأمثل في تفسير كتاب الله المنزل، ج‏14، ص: 45
 

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
1 + 9 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.