تُعد واقعة كربلاء واحدة من أكثر الأحداث تأثيرًا في تاريخ الإسلام، حيث أوجدتْ نقطة تحول هامة في مسار الأمة الإسلامية. هذه الواقعة ليست فقط معركة بين الحق والباطل، بل هي درس في التضحية والفداء والوقوف ضد الظلم والطغيان.
الإمام الحسين وعدد الشهداء: أحد المواضيع التي أثيرت باعتبارها تحريفات هو عدد شهداء كربلاء وعدد قتلى العدو. فقيل إن جميع المصادر تُجمع على أن عدد قتلى جيش عمر بن سعد هو 88 شخصًا، بينما يُقدر عدد الشهداء بين 73 و233 شخصًا.[1]
والجواب:
إن الادعاء بأن جميع المصادر تُجمع على هذه الأرقام غير تام. لأن المُدّعي إما لم يطالع جميع المصادر، أو أنه اقتصر على عدد محدود منها. وعند مراجعة الكتب المختلفة، يتضح جليًا أن هذه الادعاءات غير صحيحة.
أما عن عدد أصحاب الإمام الحسين عليه السلام، فقد ذكر السيد ابن طاووس وكاشف الغطاء رواية معتبرة عن الإمام الباقر عليه السلام: "أن الشهداء مئة راجل وخمسة وأربعون فارسًا".[2]
وعن عدد جيش العدو، أورد الخوارزمي أن عدد جيش العدو كان 22 ألف شخص.[3]وقال السيد ابن طاووس وابن نماء الحلّي: إن عددهم كان 20 ألفًا.[4]
الإمام الحسين والإمام الحسن
والعدد الصحيح يُقدّر بـ30 ألفًا، وذلك وفقًا لروايات تذكر أن الإمام الصادق عليه السلام قال: دخل الإمام الحسين عليه السلام على أخيه الإمام الحسن عليه السلام، بعد سقيه السم، فقال الإمام الحسن عليه السلام: لَا يَوْمَ كَيَوْمِكَ يَا أَبَا عَبْدِ اللهِ، يَزْدَلِفُ إِلَيْكَ ثَلَاثُونَ أَلْفَ رَجُلٍ يَدَّعُونَ أَنَّهُمْ مِنْ أُمَّةِ جَدِّنَا مُحَمَّدٍ...[5]
وعدد شهداء كربلاء، وفقًا للمصادر المعتبرة، كان 155 شخصًا، إلا أن الأسماء المفصلة في المصادر تشير إلى أن العدد أكبر من ذلك.
وعدد قتلى العدو، فقد ذكر باقر شريف القرشي: أن عدد قتلاهم بلغ 8080 شخصًا، حتى لم يبق بيت في الكوفة إلّا وسُمِع فيه صوت البكاء والنواح.[6]وفي مقتل أبي مخنف: "جعل - الإمام الحسين - يقاتل حتى قتل ألفاً وتسعمائة وخمسين سوى المجروحين".[7]
بناءً على ذلك، يتضح أن الأرقام المتعلقة بتعداد شهداء كربلاء وعدد قتلى العدو تتفاوت في الروايات. بينما يدعي البعض توحيد الأرقام، وهذا يوضح أن هناك حاجة لفهم هذه الأرقام ضمن السياق التاريخي والروائي لكل مصدر. في النهاية، يبقى موقف الإمام الحسين عليه السلام وأصحابه في كربلاء رمزًا للشجاعة والتضحية التي تتجاوز الأرقام والاحصائيات.
المصادر:
[1] . عاشورا پژوهی، صحتی سردرودی، ص56.
[2] . مقتل الحسین علیه السّلام، كاشف الغطاء ص5، اللهوف، ابن طاووس، ص158.
[3] . مقتل الحسین، الخوارزمي، ج1، ص442.
[4] . اللهوف، ص145، مثیر الاحزان، ابن نما الحلي، ص50.
[5] . مناقب ابن شهرآشوب، ج4، ص86.
[6] . حیاة الامام الحسین علیه السّلام، القرشي، ج3، ص315.
[7] . مقتل ابی مخنف، الطبری، ص197.