التعبئة العلمية و الأخلاقية

16:43 - 2016/01/29

الملخص: لقد ورد في الحديث المأثور عن النبيّ (ص) قوله: «اطلبوا العلم ولو بالصين‏». وتعلمون كم هي المسافة بين الحجاز والصين، ومدى صعوبة قطعها، خاصّة في مثل تلك الأيام؛ وغايته الوصف بأبعد مسافة متصوّرة حينذاك، لما لطلب العلم من أهمية شرعية وعرفية في حياة الإنسان.

علم، خلق، القراءة

إنّ كثيراً من مطالب أصول الدين يشعر الفرد- بل حتى كثير من أهل العلم- بالحاجة إلى تعلّمها سواء بالدراسة أو المطالعة أو المباحثة، وكذا الحال بالنسبة لكثير من الأحكام الشرعية، كما أنّنا بأمسّ الحاجة إلى تعبئة علمية لمعرفة كثير من الأحكام الشرعية وبالأخصّ تلك التي هي محلّ ابتلائنا، وهكذا الأمر في مقام الهداية والإرشاد وتعليم الأحكام، ومواجهة أصحاب الديانات والمذاهب الباطلة والأفكار المنحرفة. فهذا كلّه يعدّ من الواجبات العينية التي يجب على الفرد المسلم السعي لتعلّمها.
لقد ورد في الحديث المأثور عن النبيّ (ص) قوله: «اطلبوا العلم ولو بالصين‏»[1]. وتعلمون كم هي المسافة بين الحجاز والصين، ومدى صعوبة قطعها، خاصّة في مثل تلك الأيام؛ وغايته الوصف بأبعد مسافة متصوّرة حينذاك، لما لطلب العلم من أهمية شرعية وعرفية في حياة الإنسان.
ولا ينبغي لطالب العلم (لكي يصدق عليه أنّه طالب علم) أن يقتصر على الدرس أو التدريس برهة من الزمن فحسب- وإن كان هذا لا بأس فيه- بل على المرء أن يتعلّم، إلى جنب دروسه، كلّ أحكام الحلال والحرام، بالإضافة إلى أصول الدين والأخلاق والآداب الإسلامية.
فلا يتصوّر أحد أنّ الأخلاق الإسلامية كلّها علوم لااقتضائية، فكثير مما يعبّر عنه اصطلاحاً بالأخلاق إنّما هو من الواجبات، وضدّه من المحرّمات، فإنّ التكبّر والعُجب مثلًا ليسا من المكروهات- بالمعنى الأخصّ- بل هما من المحرّمات، وكذلك المِراء- وهو الجدال بالباطل- وغير ذلك ممّا يوصف بالأخلاق الذميمة.
فمثلًا، لو قال أحدنا كلمة وكانت مطابقة لما عناه حقّاً، وكان يعلم أنّها كذلك، ثم عارضه أحد، فنوى ردّه، فإن كان ردّه لمجرد إثبات الغلبة أو الفضيلة، فهذا هو المراء الذي ورد التأكيد في النصوص والأخبار على حرمته مادام مصحوباً بهذه النيّة وإن كان لإثبات حقّ ودفع باطل، إلّا أن يكون الردّ بهدف إثبات الحقّ لأجل الحق نفسه، فلا خلاف في صحّته، بل قد يكون واجباً عينياً.
و لذا لا ينبغي أن نضع درس الأخلاق جانباً بذريعة أنّه لا يخرج عن دائرة المستحبّات والمكروهات. فلنخصّص بعض أوقاتنا- وبأقصى ما نستطيع- لتعبئة أنفسنا بالعلم في كلّ مجال مشروع وفي مجال العلم الديني خاصّة، ولنعلم أنّ موسم الدرس مناسبة جيّدة، وأنّ التسهيل من الله تعالى.
نعم، لننتهز كلّ فرصة ولا نضيّع حتى دقيقة واحدة، ولنحمل معنا الرسالة العملية التي قرأناها في أيّام شبابنا من أوّلها إلى آخرها، فربّ كثير منّا لا يتذكّر كثيراً منها، أو ربّ أمور لم يعد كثير منّا ملتفتاً إليها، فإذا ما أُتيحت له فرصة ولو بمقدار خمس دقائق، قرأ ولو صفحة واحدة منها، حتى إذا تكرّرت يكون قد تخلّص مما كان عنده من جهل مركّب في بعض المسائل، حيث كان يتصوّر أنّه يعرفها مع أنّه لم يكن يعرفها على الوجه الصحيح.
[1] روضة الواعظين للنيسابوري: ص 11، في فضل العلم .

المصدر: العلم النافع سبيل النجاة، ص 17، ياس زهراء(ع) - قم، الطبعة الاولى ، 1429ق.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
9 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.