التنوع الجنسي، طريق بلانهاية!

أبدت إحدى النساء لي عن مشكلتها هكذا:
كنا أنا وزوجي نعيش حياة سعيدة؛ ولكن منذ بضع أشهر رأيت زوجي وهو يشاهد الأفلام والصور الإباحية في نقاله؛ طبعا لم أثِر إنتباهه بأني أعلم بما يشاهد في نقاله، ولكن تأثرت كثيرا من هذا الحادث فأخذت أكلم نفسي بأنني هل تراني مقصرة في حقه حتى جعلته يبتلي بهذا المرض؟ ومشاكل من هذا القبيل التي لايمكن وصفها ولايدور اللسان في الكلام حولها.

إحدى المشاكل الموجودة في المجتمع الإسلامي والعوائل هذا اليوم، مشكلة التنوع الجنسي عند أحد الزوجين وخاصة عند الرجال؛ والتي تسببت في إرتباك وتشويش العوائل؛ وللأسف الشديد تشتّت شمل بعض العوائل بسببها.
مما لاشك فيه هو أن هذه المشكلة تُعد صفة أخلاقية سيئة؛ فيجب معالجتها بعد بيانها وإرائة طريقة حل لها لكي لاتتسع أكثر من ذي قبل.

التنوع الجنسي إن لم يكن من باب الإضطرار (في الزوج الذي يكون زوجه مصابا بعجز جنسي أو أن لايتم إرضاء غريزته الجنسية بطريقة كاملة وصحيحة) والإلزام (كما في الزوج الذي يكون بعيدا عن زوجه وذلك لأدلة مختلفة)، يكون مرضا نفسيا لامحالة؛ مثلا كالرجل الذي تكون زوجته إلى جانبه وتعمل على إرضاء غريزته بشكل كامل، ولكن مع هذا يسعى لرؤية الأفلام الإباحية أو إقامة علاقة مع إمرأة أجنبية.

ملاحظة
ربما يخطر هذا السؤال على البال بأن الرجال هل بزواجهم المتعة، يسعون لعلاج هذا المرض؟ للإجابة على هذا السؤال يجب أن نقول: إن في زواج المتعة مع حليته، شرائط خاصة؛ فيجب أن يذهب الإنسان لهذا الحكم بعد إطلاعه الكامل على هذه الشرائط. في غير هذا الصورة، فيما إذا إستفاد أحد من هذا الحكم الشرعي من دون أي دليل فأصبح لايرى نفسه مستغنيا عنه، فإن شخصا كهذا يكون طالبا للتنوع الجنسي لاغير.
يُنقل عن الأستاذ علي صفايي أنه جاءت إليه فتاة وأبدت عن تعلقها به؛ بأنها قد قرأت كتبه وتطلب رؤيته عن كثب كما أنها تريد الزواج منه. فإعتذر الأستاذ وقال: لايمكنك أخذ قرار كهذا من دون إذن أبيك. فأصرت الفتاة عليه وإقترحت عليه طرقا أخرى كزواج المتعة (من أجل الحلية فقط). ولكن أجاب الأستاذ: هذا الأمر ليس بصالحك. ولكن كررت طِلبتها وقالت: إقرءوا صيغة المحرمية بيننا وذلك من دون حضوري؛ لكي نكون زوجين في القيامة. فقال الأستاذ: إذهبي، ربما قرأتها. فذهبت وسمع أحد الأصدقاء من خلف الباب ما دار بينهما من كلام؛ دخل على الأستاذ وسأله: لماذا فعلت هذا؟ بعض الناس لاينتهون من فعل الحرام؛ ثم أنت ترفض فعل الحلال؟ فأجاب الأستاذ: نحن صائمون في هذه الدنيا. سنفطر عن هذا الصيام في الآخرة. [1] 

علاج التنوع الجنسي
1. العمل طبقا للتعاليم الدينية في باب الحياة العائلية
بديهي أن للدين وصايا للزوجين مخافة أن ينحرف أحدهما بعد الزواج. من باب المثال: يوصي بالنظافة ولبس الملابس الجميلة وإستعمال العطور عندما يكون الزوج حاضرا، وأن تُمكّن الزوجة الزوج من نفسها، في أصعب الظروف، مهم جدا في حفظ الزوج عن الإنحراف. لذا لدينا رواية تستدعي التأمل جدا في مجال تمكين الزوجة عندما يطلب منها ذلك.
جَاءَتِ امْرَأَةٌ إِلَى النَّبِيِّ (صلى الله عليه وآله وسلم) فَقَالَتْ يَا رَسُولَ اللَّهِ مَا حَقُّ الزَّوْجِ عَلَى الْمَرْأَةِ فَقَالَ لَهَا أَنْ تُطِيعَهُ وَ لَا تَعْصِيَهُ وَ لَا تَصَدَّقَ مِنْ بَيْتِهِ إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ لَا تَصُومَ تَطَوُّعاً إِلَّا بِإِذْنِهِ وَ لَا تَمْنَعَهُ نَفْسَهَا وَ إِنْ كَانَتْ‏ عَلَى‏ ظَهْرِ قَتَب.‏ [2]
وفي رواية أخرى عنه (صلى الله عليه وآله وسلم):
قَالَ رَسُولُ اللَّهِ (صلى الله عليه وآله وسلم) لِلنِّسَاءِ لَا تُطَوِّلْنَ صَلَاتَكُنَّ لِتَمْنَعْنَ أَزْوَاجَكُنَّ. [3]
طبعا يتضح لنا عبر الروايات أنه يجب إرضاء الرجال بسرعة؛ فمن الطبيعي أنه مع عدم التمكين، يسعى الرجال لإزاحة مشكلتهم عبر طرق غير متعارفة. طبعا يجب لفت النظر إلى الروايات التي تنهى الرجال من الجماع العاجل ومن دون تأن، لكي لاتبتلي النساء المؤمنات بالفساد في إثر عدم إنتباه أزواجهن.

2. عدم إستعمال الصحون اللاقطة في البيت
مع وجود إستعمال الصحون اللاقطة الذي يزداد يوما بعد يوم بين العوائل، من الطبيعي أن نشاهد الخيانة والعلاقات غير المشروعة أكثر من ذي قبل. فأقل تأثير الصحون اللاقطة، التنوع الجنسي. بعض الناس يخدعون أنفسهم بكلمات؛ مثل: أننا نشاهد القنوات الجيدة والمسلسلات غير الإباحية، فيجوزون لأنفسهم إستعمال هذه الصحون اللاقطة في بيوتهم. والحال أننا نعلم أنهم في خلال مسلسلاتهم تلك، يسعون لتطبيع العلاقات مع الجنس المخالف ويشجعون النساء ليخترن لأنفسهن صديقا إجتماعيا غير زوجهن. وكذلك في إعلاناتهم يقومون ببث صور غير مناسبة والتي تأثر في خلفية الذهن بصورة تلقائية بعد مضي فترة من الزمن.
هذا والحال أن الله يشير إلى ملاحظتين مهمتين في القرآن الكريم:
«... وَ لاَ مُتَّخِذِات أَخْدَانٍ...» [4]
أي أنه يوصي الرجال أن لايتزوجوا بنساء يسعين لإقامة علاقات خفية مع الرجال؛ فيذم هذه الصفة الرديئة. ويقول في آية أخرى:
«... وَ لا مُتَّخِذی أَخْدان...» [5]
فيذم هذه الصفة في الرجال أيضا ويمنعهم من هكذا فعل.

3. التحكم بالعين
إن الله تبارك وتعالى قد بيّن طريقة إستعمال كل نعمة أنعمها على عباده؛ فلذا إن لأعضاء البدن أيضا حقوقا. العين من الجوارح المهمة والأساسية والتي يأمر الله تبارك وتعالى الرجال والنساء من النظرة المحرمة في آيات 30 و 31 من سورة النساء؛ ثم يأمر المؤمنين والمؤمنات بالإبتعاد عن العدوى الجنسي وأن يحتفظوا بعفتهم. من هذا الترتيب المذكور في الآيات يمكن الإستنتاج أن أكثر العدوى الجنسي يحصل بعد النظرة المحرمة، والعين بعد النظر، تطلب ما رأت.

4. ذكر الموت
عادة ذكر الموت وظلمة القبر والمشاركة في مجالس الترحيم، يبعث التفكر في الإنسان ويقلل من أمياله لطلب اللذات. يقول الإمام علي (عليه السلام):
فَإِنَّ الْمَوْتَ هَادِمُ لَذَّاتِكُمْ وَ مُكَدِّرُ شَهَوَاتِكُم‏ [6]
إذا بتذكر الموت، يمكن التغلب على هذه النفس التي لاتشبع ولفت إنتباهها لما يئول إليه أمر إتباع الشهوات وكذلك يذكرها الحياة مابعد الموت.

النتيجة
في النهاية يجب أن نقول أن الإنسان لو أفرط في إرضاء غريزته، يجب أن يتعظ بما آل إليه إتباع الشهوات الجنسية في البلدان الغربية التي تدعي الحضارة. فإنهم مصابون بإرضاء أنفسهم عبر الزواج بمن يوافقهم في جنسهم أو مع الحيوانات. ويجب أن يعلم الإنسان أن النفس والغريزة، لايشبعان ولم يخرج أحد من هذا الوادي بفلاح وبسلامة.

المصادر
[1] مشهور آسمان(معروف السماء)، عزیز الله حیدري، ص 73
[2] الكليني، الكافي، ج5، ص 507
[3] الكليني، الكافي، ج5، ص 508
[4] النساء،25
[5] المائده،5
[6] الشريف الرضي، نهج البلاغة‏، ص 351