إن الأمة الإسلامية جمعاء تحتفل سنويا بمولد الرسول الأعظم (صلى الله عليه وآله وسلم) تكريما له وتبجيلا، ولكن ملالي الوهابية يعتبرونه بدعة، بحجة أن الاحتفال بمولد النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) لم يكن شائعاً في زمن السلف، على حد تعبيرهم. هذا في حين أنهم يعتبرون الاحتفالات الوطنية والحكومية المصحوبة بآلاف الذنوب والمعاصي مشروعة ومباحة.
غير خاف أن الوهابية حركة ناشئة وضالة لا تفوح منها رائحة التوحيد والنبوة. يحاول الوهابيون إضعاف الإسلام الأصيل بذرائع مختلفة، كما أنهم حرموا على المسلمين الاحتفال بمولد الرسول الكريم (صلى الله عليه وآله وسلم).
وقد أصدر عبد العزيز بن باز المفتي العام للمملكة العربية السعودية (المتوفى1420) الفتوى التالية في هذا الشأن: "لا یجوز الإحتفال بمولد الرسول ولا غیره لأن ذلك من البدع المحدثة في الدین لأن الرسول لم یفعله ولا خلفاؤه الراشدون و لا غیرهم من الصحابة ولا التابعون لهم بإحسان في القرون المفضلة"[1].
ويقول ابن عثيمين مفت وهابي آخر في هذا الصدد: "أولا ليلة مولد الرسول صلى الله عليه و سلم ليست معلومة على الوجه القطعي، بل إن بعض العصريين حقق أنها ليلة التاسع من ربيع الأول وليست ليلة الثاني عشر منه وحينئذ فجعل الإحتفال ليلة الثاني عشر منه لا أصل له من الناحية التاريخية. ثانيا من الناحية الشرعية فالإحتفال لا أصل له أيضا، لأنه لو كان من شرع الله لفعله النبي صلى الله عليه وسلم أو بلغه لأمته ولو فعله أو بلغه لوجب أن يكون محفوظا، لأن الله تعالى يقول: إنا نحن نزلنا الذكر وإنا له لحافظون. فلما لم يكن شيء من ذلك علم أنه ليس من دين الله، فإنه لا يجوز لنا أن نتعبد به لله عز وجل ونتقرب به إليه. فإذا كان الله تعالى قد وضع للوصول إليه طريقا معينا وهو ما جاء به الرسول صلى الله عليه وسلم فكيف يسوغ لنا ونحن عباد أن نأتي بطريق من عند أنفسنا يوصلنا إلى الله؟! هذا من الجناية في حق الله عز وجل أن نشرع في دينه ما ليس منه..."[2].
أنظروا هذا الخناس كيف يشكك في تعظيم رسول الله (صلى الله عليه وآله وسلم) بالوساوس الشيطانية؛ المسكين لا يعي أن الإحتفال بمولد النبي الذي تدين له الأمة الإسلامية بجهوده من شعائر الله وَ مَنْ يُعَظِّمْ شَعائِرَ اللَّهِ فَإِنَّها مِنْ تَقْوَى الْقُلُوب[3]. واللافت للنظر أن الاحتفالات الوطنية والحكومية المصحوبة بآلاف الذنوب تعتبر مشروعة ومباحة عندهم وبخاصة الأعياد الوطنية. تقول هيئة الفتوى السعودية: إذا كان المقصود من الإحتفال هو تنظيم الأعمال لمصلحة الأمة و ضبط أمورها كأسبوع المرور والاحتفال ببداية العام الدراسي لتنظيم مواعيد الدراسة، فمشروع ولا بأس به.[4]
المصادر:
[1] . مجموع فتاوی ومقالات متنوعة، ج1، ص183.
[2] . مجموع فتاوى ورسائل، محمد بن صالح العثيمين، ج2، ص298، الرياض، دار الوطن للنشر، الطبعة الثانية، 1413ه.
[3] . الحج: 32.
[4] . فتاوای اللجنة للبحوث العلمیة والافتاء، ج3، ص88، رقم 9403.