دخول سبايا كربلاء إلى الشام

عيال الحسين عليه السلام في الأسر: خرجت قافلة حرم سيد الشهداء عليه السلام من الكوفة الى الشام، تتقدمها رؤوس الشهداء، وحُمل جميع العيال على أقتاب الإبل التي كانت بغير وطاء ولا غطاء، وساروا بهم من بلد إلى بلد، كما يسار بسبايا الكفّار، يتصفّح وجوههن أهل الأقطار.

 مرت القافلة ببعض البلاد كما سلكت طرقا صحراويّة قاحلة، قاسية وحارّة، وبالقرب من الشام دنت السيّدة أُم كلثوم من شمر وقالت: إذا دخلت بنا البلد، فاحملنا في درب قليل النظّارة، وتقدّم إليهم أن يخرجوا هذه الرؤوس من بين المحامل وينحونا عنها، فقد خزينا من كثرة النظر إلينا.

فأمر اللعين أن يجعل الرؤوس على الرماح في أوساط المحامل بغياً منه وكفراً، وسلك بهم بين النظّارة على تلك الصفة، حتّى أتى بهم باب دمشق، فوقفوا على درج باب المسجد الجامع حيث يقام السبي.[1]

عيال الحسين عليه السلام في الشام

وإذا بشيخ قد اقبل حتى دنا منهم وقال: الحمد لله الذي قتلكم وأهلككم وأراح الرجال من سطوتكم وأمكن أمير المؤمنين منكم! فقال له الإمام علي بن الحسين عليه السلام : يا شيخ هل قرأت " قل لا أسئلكم عليه أجرا الا المودة في القربى "[2] قال الشيخ: قد قرأت ذلك، قال علي بن الحسين عليه السلام : فنحن القربى يا شيخ قال: فبقي الشيخ ساكتا نادما على ما قال ثم رفع رأسه إلى السماء وقال: اللهم إني تائب إليك مما تكلمته ومن بغض هؤلاء القوم، اللهم إني أبرأ إليك من عدو محمد وآل محمد من الجن والإنس.[3]

وأدخل آل الرسول في مجلس الخلافة، فقالت حفيدة رسول الله صلى الله عليه وآله: أظننت يا يزيد حيث أخذت علينا أقطار الأرض، وآفاق السماء، فأصبحنا نساق كما تساق الأسارى ان بنا على الله هوانا، وبك عليه كرامة، فشمخت بأنفك، جذلان مسرورا، حين رأيت الدنيا لك مستوسقة، والأمور متسقة، ...أمن العدل يا ابن الطلقاء، تخديرك حرائرك وإماءك، وسوقك بنات رسول الله سبايا، قد هتكت ستورهن، وأبديت وجوههن، تحدو بهن الأعداء من بلد إلى بلد... الخ

وبعد شهادة الإمام الحسين عليه السلام قال يزيد لعبيد الله بن زياد: لقد وجبت محبتكم يا بني زياد على آل سفيان، ثم أجازه بألف ألف درهم، فبنى قصريه الحمراء والبيضاء في البصرة وأنفق عليهما مالا جزيلا فكان يشتي في الحمراء ويصيف في البيضاء، وعلا امره ومدحته الشعراء.[4]

[1] . التذكرة بأحوال الموتى وأمور الآخرة، سمش الدين القرطبي، ص1121

[2] . سورة الشورى، الآية 23.

[3] . تاريخ ابن أعثم، أحمد بن أعثم الكوفي ج 5، ص 242،243

[4] . فتوح ابن عثم، أحمد بن أعثم الكوفي، ج،5، ص252.