حياة سلمان الفارسي ونظرته للإمام الحسين

أنشئ: 08/26/2023 - 11:29
دریافت ویدئو

إن التدين أمر فطري، وأنه مما يدعو له العقل السليم، وعن هذا الطريق توصل سلمان إلى الإيمان بالله وبأنبيائه وشرائعه.

إن سلمان لم يسلم بدافع عاطفي أو مصلحي، ولم يسلم استجابة لضغوط عليه أو لجو معين، وإنما دخل في الإسلام عن قناعة فكرية خالصة، وبعد أن هاجر في طلب الدين الحق، ولاقى الكثير من المصاعب والمتاعب، حتى ابتلي بالرق والعبودية.

كان سلمان يتعامل مع إخوانه من موقع المربي والناصح والمسؤول، فقد قال لزيد بن صوحان: كيف أنت يا زيد إذا اقتتل القرآن والسلطان؟ قال: أكون مع القرآن، قال : نعم الزيد أنت إذن.[1]

نفهم من هذا النص أن سلمان قد وضع إصبعه على أمر دقيق وهام للغاية، وله تأثير مباشر بمستقبل الأمة الإسلامية، ومصيرها والقضايا الكبرى التي تواجهها، لأن حال الناس وأفكارهم في تلك الفترة التي عاش فيها سلمان، كان على حالات شتى.

ففريق منهم لا يرى الحق والخير، إلا من خلال ذاته ونفسه فهو المعيار والميزان، وهذا النوع من الناس، لا يمثل القرآن والإسلام لهم شيئاً، إلا بالمقدار الذي يتفق مع نظرتهم، ويحقق لهم نتائجهم، فإذا رأوا أن مصالحهم الخاصة تتعرض للخطر، فان على القرآن والإسلام والحق أن يتراجع، وأن يعترف بأنه مخطئ.

وفريق آخر: يرى أن الحق دائماً في جانب القوي ومعه، فلا بد من اعطاء الحق له مهما كلف الأمر وكانت النتائج.

وفريق ثالث: قد أحاط الحاكم بهالة من الاحترام والقداسة، وذلك لأنه قد خُدع بما حاول الحكام أن يشيعوه من عقيدة عدم جواز الخروج على السلطان، من كان ومهما كان، لأنه يمثل إرادة الله سبحانه على الأرض، فمعصيته معصية الله، وجزاءه العذاب الأليم يوم القيامة.

كان سلمان يعي وجود هذا التيارات المنحرفة في المجتمع الإسلامي، ويعتبر ذلك انحرافاً عن الخط الإسلامي القويم، لان الإسلام يرفض أن يعتبر الإنسان نفسه وذاته كشخص محوراً للحق والباطل، والخير والشر. والقداسة عند سلمان ما هي إلا بالتزام طريق الاستقامة والتقوى والعمل الصالح.

سلمان

تفسير سلمان لمعنى الصحابي

وعلى هذا كان تفسير سلمان للصحابي، مخالفا لما هو السائد، من أن الصحابي كل من رأى النبيّ مميزاً مسلماً، حتى أنه لو ارتد ذهبت صحابيته فان عاد عادت، فقد جاء الأشعث بن قيس، وجرير بن عبد الله البجلي إلى سلمان فدخلا عليه وقالا: أنت سلمان الفارسي ؟ ! قال: نعم . قالا : أنت صاحب رسول الله. قال: لا أدري. فارتابا وقالا: لعله ليس الذي نريد. فقال لهما: أنا صاحبكما الذي تريدان، قد رأيت رسول الله وجالسته، وإنما صاحبه من دخل معه الجنة.[2]

إن مكانة وموقع الإمامين الحسن والحسين عليهما السلام في الأمة من الأمور الواضحة في فترة حياة سلمان، لا يكاد يجهلها أحد، وكانت الأمة قد سمعت ورأت الكثير من أقوال ومواقف النبيّ صلى الله عليه وآله تجاههما وخالفتها.

وكانت سياسة الحكام وقريش، إبعاد أهل البيت عليهم السلام عن الساحة، وايجاد بدائل عنهم في مختلف المجالات. وكان موقف سلمان مخالفا لهذا السلوك ويدعو لأهل البيت عليهم السلام والدفاع عنهم، فقد روي أن الإمام الحسين عليه السلام لما دعا زهير بن القين الي نصرته وكان عثمانياً، فأجابه وقال لأصحابه: اني كنت غزوت بلنجر مع سلمان الفارسي، فلما فتح علينا اشتد سرورنا بالفتح، فقال لنا سلمان: لقد فرحتم بما أفاء الله عليكم؟ قلنا: نعم. قال: فاذا أدركتم شباب آل محمد فكونوا أشد فرحا بقتالكم معه منكم بما أصبتم اليوم.[3]

 

[1] . تهذيب تاريخ دمشق، ابن عساكر، ج 6 ص 16.

[2] . حلية الأولياء، أبو نعيم الإصفهاني، ج 1 ص 201.

[3] . مقتل الحسين، الخوارزمي، ج1، ص225.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
5 + 1 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.