الكون يشهد له

08:34 - 2021/04/12

ليس في صحيفة الوجود اله إلا اللَّه سبحانه، ولا مؤثر سواه، وانّ ما في الكون من السماوات والأرض وما فيهما وبينهما فهو مخلوق للَّه سبحانه.

توحيد,لا اله الا الله,التوحيد عند الشيعة

مسألة التوحيد هي الأصل الأصيل للديانات الابراهيمية كلها وكذلك الاسلام حيث تنتهي اليه جميع خطوط التربية و التعليم في الإسلام، و يجب ان نبتدئ به و ننتهي اليه لانّه العمود الفقري للإسلام. و ليس توحيد اللّه في العبادة فقط، بل التوحيد في الهدف، و التوحيد في صفوف القتال، و التوحيد في البرامج العملية و التنفيذيّة، فكلّها توضّح الأركان الاصليّة للدين، و سبب وجود المشاكل الكثيرة في مجتمعاتنا الاسلامية هو حذف التوحيد من واقعنا العملي.
من خلال نظرة يسيرة الى هذا الكون الذي نحيى فيه، نعي أنَّ عالم الوجود هذا ليس فيه اضطراب و لا ارتباك، بل إنَّ لجميع ظواهر الحياة خطاً معيناً تسير عليه، فهي أشبه بجيش ضخم مقسم الى وحدات منظمة تتحرك جميعاً نحو هدف معين. و النقاط التالية تدعم هذه الدعوى:
1- لظهور أي كائن و بقائه حيّاً في هذا العالم لا بدّ من تظافر عدد من القوانين و نوعاً من الظروف الخاصة لبلوغ ذلك الهدف.
فمثلًا، لكي تظهر شجرة الى عالم الوجود، لا بدّ من توفر الارض، و الماء و الهواء المناسب، و الحرارة اللازمة، و لكي نزرع البذرة، فتتغذى، و تتنفس، و تخضر و تنمو. فاذا لم تتوفر هذه الامور استحال أمر ظهور النبتة و نموها لكي‏ تصبح شجرة. إنَّ تهيئة هذه الظّروف و الشّروط تتطلب عقلًا و معرفة.
2- إنَّ لكلّ كائن خصائص يختص بها دون غيره. فللماء صفات و للنار خصائص لا تنفصل عنها و تتبع قوانين ثابتة.
3- جميع أعضاء الكائن الحي تتعاون فيما بينها، فاعضاء الجسم تعمل- بوعي أو بغير وعي- بانسجام تام بعضها مع بعض. فاذا ما واجه الجسم خطراً تأهبت الاعضاء للدفاع عنه. إنَّ هذا الترابط و الانسجام في العمل دليل آخر على وجود النظام في عالم الوجود.
4- إنَّ نظرة واحدة الى العالم تكشف لنا أنَّ الترابط و الانسجام و التعاون في العمل ليست مقتصرة على أعضاء الجسم الواحد، بل إنَّ في كافة الكائنات العالم تتعاون فيما بينها، فلبقاء الكائنات تطلع الشمس و ينزل المطر و تهب الرّياح و تتظافر معها الارض و منابعها من أجل الوصول الى هذا الهدف. و هذا دليل وجود نظام معين يشمل عالم الوجود كلّه.
كلُّ امرئ لا بدّ أنْ يعترف في قرارة نفسه بهذه الحقيقة، و هي أن وجود النظام دليلٌ على أنَّ وراءه عقلًا مفكراً و مخططاً و هادفاً. فحيثما شاهد الانسان نظاماً ثابتاً يخضع لقوانين معينة أدرك أن وراءه مصدراً للعلم و القدرة، و لا يحتاج في هذا الادراك الوجداني حاجة كبيرة الى‏ الاستدلال.
إنَّه يعرف أنَّ انساناً امِّياً أعمى ليس له القدرة على أنَّ يضرب على الآلة الطابعة مقالة اجتماعية أو نقداً أدبياً، مثلًا، أو إنَّ طفلًا في الثانية من عمره لا يمكنه بامرار قلمه على الورق عشوائياً أن يرسم لوحة جميلة قيمة. إنَّنا إذا طالعنا انشاء جيداً أو مقالة رائعة أدركنا فوراً أنَّ كاتبها انسان مثقف متميز بالذكاء و العقل.
كذلك إذا شاهدنا في متحف لوحة جميلة جذابة لا نشك لحظة في أنَّ الذي رسمها كان فناناً ماهراً، على الرّغم من أنَّنا لم نر ذلك الفنان بشخصه.
بناء على ذلك حيثما رأينا جهازاً منظماً علمنا أنَّ وراءه عقلًا ذكياً. و كلّما كان ذلك الجهاز أكبر و أدق و أروع كان العقل و العلم اللذين أوجداه أكبر و أعظم أيضاً.
و لإثبات أنَّ كلّ جهاز منظم يحتاج في إيجاده الى عقل و علم، يستفيد علماء الطبيعة أحياناً من قانون حساب الاحتمالات المعروف في الرياضيات العالية، فيبرهنون مثلًا، على أنَّ الشخص الأُمّي إذا أراد أنْ يكتب مقالة أو شعراً بمجرد الضغط عشوائياً على ازرار حروف الآلة الطابعة بصورة عفوية و تصادفية، فإنَّ ذلك- بحساب الاحتمالات- يستغرق بلايين السنين، بحيث لا يكفي حتى عمر الكرة الارضية لانجاز ذلك!
قصارى الكلام انّه ليس في صحيفة الوجود خالق غير اللَّه سبحانه، ولا مؤثر سواه، وانّ ما في الكون من السماوات والأرض والجبال والبحار والعناصر والمعادن والنباتات والأشجار فهو مخلوق للَّه سبحانه، فوجودها وأفعالها وآثارها كلّها مخلوقة للَّه تبارك و تعالى. فالشمس وحرارتها، والقمر وإنارته، والنار وإحراقه وغير ذلك من الفواعل والأسباب كلّها مخلوقة للَّه تبارك وتعالى‏ مع آثارها ومسبباتها لكن جرت مشيئته على خلق الأشياء عن طريق أسبابها فكون العالم كله مخلوقاً للَّه سبحانه ليس بمعنى إنكار علاقة السببية.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
2 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.