موقف ابي طالب يوم الدار

09:27 - 2022/04/07

قد يلفت الانتباه ما ورد في حديث الانذار من كون الدعوة كانت للعشيرة وليست دعوة عامة ، لاشتمالها على مقاصد واهداف لمستقبل الدعوة.

موقف ابي طالب يوم الدار

إن دعوة العشيرة الأقربين هو الأسلوب الأمثل لنشر الدعوة ، وهو المسار الطبيعي لها في محيطها ، ما دام أن دعوة الأقربين هي المتوافقة مع سنة الوفاء ، التي تحقق الثبات والقوة ، والطمأنينة والثقة في أكثر من اتجاه .

وهي على الأقل تمنحه الفرصة لاكتشاف مواضع القوة والضعف في المداميك[1] الداخلية التأسيسية ، ورصد مواضع القوة والصلابة فيها .

ثم هي تعطيه المزيد من الوضوح في نشأة نسيج العلاقات الطبيعية ، والارتباطات المختلفة ، فيقدر حركته ومواقفه ، واقدامه واحجامه على أساس ذلك . .

يضاف إلى ذلك : أن ذلك يظهر للناس كل الناس بالقول والفعل : أنه « صلى الله عليه وآله » يريد هذا الخير لأهله ، ولعشيرته الأقربين ، وأنه لا يتنازل عن أدنى شيء من ذلك حتى لأقرب الناس إليه ، بل هو - لو كان الأمر على خلاف ذلك - سيتخذ منهم نفس الموقف الذي يتخذه من أي فريق آخر من الناس ، وهذا يحتم على الناس كلهم أن يقتنعوا بأنه « صلى الله عليه وآله » منسجم مع نفسه ، وملتزم مع ما جاء به . ويريد لأحب الناس إليه أن يكونوا في طليعة المؤمنين بالله ، وعلى رأس الدعاة إليه والمضحين بكل غال ونفيس في سبيل الله تعالى ، وفي سبيل هذا الدين . .

وهذا ما تنبه له نصارى نجران ، حين أخرج « صلى الله عليه وآله » ، علياً والزهراء والإمامين الحسن والحسين « عليهم السلام » لمباهلتهم .

ومن جهة أخرى ، فإن النبي « صلى الله عليه وآله » ، كان يعيش في مجتمع يقيم علاقاته على أساس عشائري قبلي . . فحين يريد أن يقدم على مواقف أساسية ومصيرية . . وحين لا يكون هو نفسه يرضى بالاعتماد على القبيلة كعنصر فعال في حماية مواقفه ، وتحقيق أهدافه ؛ فإن من اللازم : أن يتخذ من ذوي قرباه موقفاً صريحاً ، ويضعهم في الصورة الواضحة ؛ وأن يهيئ لهم الفرصة ليحددوا مسؤولياتهم ، بحرية ، وصراحة ، وصدق ، بعيداً عن أي ضغط وابتزاز ، ولو كان هذا الضغط من قبيل العرف القبلي فيما بينهم ؛ لأنه عرف مرفوض إسلامياً .

وهنا تبرز واقعية الإسلام في تعامله مع الأمور ، وفي معالجته للقضايا ، فإنه لا يرضى أن يستغل جهل الناس وبساطتهم ، وحتى أعرافهم - الخاطئة - التي ارتضوها لأنفسهم في تحقيق أهدافه .

وذلك ، لأن الإسلام يعتبر الوسيلة جزءاً من الهدف ، فلا بد أن تنسجم وتتلاءم معه ، كما لا بد أن تنال من الطهر والقداسة بالمقدار الذي يناله الهدف نفسه .

وعلى كل حال ، فقد خرج « صلى الله عليه وآله » من ذلك الاجتماع بوعدٍ أكيد من شيخ الأبطح ، أبي طالب « عليه السلام » بالنصر والعون ؛ فإنه لما رأى موقف أبي لهب اللاإنساني ، واللامعقول ، قال له :

« يا عورة ، والله لننصرنه ، ثم لنعيننه ! !

يا ابن أخي ، إذا أردت أن تدعو إلى ربك فأعلمنا ، حتى نخرج معك بالسلاح »[2].

المصادر:

[1] - مَدَامِيكُ : جمع مِدماك :أداةٌ يُفرد بها العجين، خشبة أسطوانيّة يُفرد بها العجينُ فيرقّ

[2] - تاريخ اليعقوبي، ط، دار صادر، ج 2 ص 27 و 28 .

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
7 + 5 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.