غض البصر

لقد أوجبت الشريعة المحمدية غض البصر لما فيه من حفظ للإنسان والمؤمن عن الإنجراف وراء الهوى والشهوات التي تقتل الروح والعقل والجسد {قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا...}[1] ، يقول الإمام الصادق عليه السلام في قوله تعالى (قل للمؤمنين يغضوا من أبصارهم...): " كل آية في القرآن في ذكر الفروج فهي من الزنا إلا هذه الآية، فإنها من النظر، فلا يحل لرجل مؤمن أن ينظر إلى فرج أخيه، ولا يحل للمرأة أن تنظر إلى فرج أختها".[2]. ويقول الرسول صلى الله عليه وآله وسلم في النهي عن اطلاق البصر في الحرام: "إياكم وفضول النظر، فإنه يبذر الهوى ، ويولد الغفلة".[3]  

إن البصر أكبر  بوابة مفتوحة على القلب الذي هو محل نظر الرحمان من عبده، فكل ما تُبصره العين له تأثير مباشر على القب، فكان لزواما على الإنسان أن يحافظ عليه من الدنس والفسق والغفلة فلا يكون مصيدة للشيطان وأعوانه، ففي الحديث عن النبيّ عيسى عليه السلام: "إذا أبصرت العين الشَّهوة، عمي القلب عن العاقبة".[4]. وعن الإمام الصَّادق عليه السلام: "يا بن جندب! إنَّ عيسى بن مريم عليه السلام قال لأصحابه: إيَّاكم والنَّظرة، فإنَّها تزرع في القلب الشَّهوة وكفى بها لصاحبها فتنة، طوبى لمن جعل بصره في قلبه ولم يجعل بصره في عينه".[5]

ومن هنا تظهر أهمية الإلتزام بهذ الأمر الإلهي بغض البصروعدم اطلاقه في الحرام، وهو ما يتجلى في الآثار الجليلة والروحانية العظيمة له، وفي المقابل أيضا العواقب الوخيمة لمن خالفه.

أولا: من آثار غض البصر:

1. رضا الله تعالى، والثَّواب العظيم: قال الإمام الصَّادق عليه السلام: "من نظر إلى امرأة فرفع بصره إلى السَّماء أو أغمض بصره لم يرتدَّ إليه طرفه حتَّى يزوِّجَه الله من الحور العين".[6]  

2. حلاوة الإيمان: عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أنَّه قال: "النَّظرة سهم مسموم من سهام، إبليس فمن تركها خوفاً من الله أعطاه الله إيماناً، يجد حلاوته في قلبه".[7]

3. راحة القلب: قال أمير المؤمنين عليه السلام: "من غضَّ طرفه، أراح قلبه".[8]

ثانيا: من عواقب عدم غض البصر:

1. غضب الله تعالى: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "اشتد غضب الله عز وجل على امرأة ذات بعل ملأت عينها من غير زوجها أو غير ذي محرم منها".[9]

2. يملأ الله عينيه نارا: قال رسول الله صلى الله عليه وآله: "من ملأ عينه من حرام ملأ الله عينه يوم القيامة من النار، إلا أن يتوب ويرجع".[10]

3. الحسرة والنَّدامة: قال الإمام عليّ عليه السلام: "كم من نظرة جلبت حسرة".[11]

نسأل الله قربه والمنزلة الرفيعة عنده.

_____________

المصادر:

[1] سورة النور، الآية30و31.

[2] تفسير القمي، ج٢، ص١٠١.

[3] بحار الأنوار، ج ٦٩، ص١٩٩.

[4] تحف العقول، ص 35.

[5] تُحف العقول، ص 305.

[6] مستدرك الوسائل، ج 14، ص 268.

[7] مستدرك الوسائل، ج١٤، ص ٢٦٨.

[8] جامع أحاديث الشيعة، ج٢٠، ص٢٨٢.

[9] ثواب الأعمال، ج1، ص٣٣٨.

[10] من لا يحضره الفقيه ، ج٤، ص١٤.

[11] ميزان الحكمة، ج ٤، ص٣٢٨٩.