-اشتهر حديث النبي صلى الله عليه وآله في حق عمار بن ياسر" ويح عمار، تقتله الفئة الباغية"
إن الحديث الوارد في معاوية وأصحابه " ويح عمار، تقتله الفئة الباغية، يدعوهم إلى الجنة، ويدعونه إلى النار" روي في الصحيحين[1] وغيرهما.[2]
ولا شك أن عمار بن ياسر من صحابة رسول الله صلى الله عليه وآله قُتل بيد جنود معاوية في صفين، فأصحاب معاوية بنص هذا الحديث هم الفئة الباغية.
وقد استدل أئمة الفقه والتفسير على وجوب قتال أهل البغي بقوله تعالى: "وَإِنْ طَائِفَتَانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُمَا فَإِنْ بَغَتْ إِحْدَاهُمَا عَلَى الْأُخْرَى فَقَاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِيءَ إِلَى أَمْرِ اللَّهِ"[3]
منهم الشافعي[4]والقرطبي، حيث قال في تفسيره: إن هذه الآية دليل على وجوب قتال الفئة الباغية المعلوم بغيها على الإمام أو على أحد من المسلمين"[5]
تأويل ما ارتكبه معاوية
والملاحظ من بعض علماء أهل السنة أنهم قد أولوا ما ارتكبه الصحابة من المعاصي وإن كانت كبيرة فيقولون: إن ذلك صدر منهم عن اجتهاد وتأويل، كبغي معاوية بن ابي سفيان وعمروبن العاص وعائشة على علي عليه السلام.
قال ابن حجر: فئة معاوية وإن كانت باغية لكنه بغي لا فسق، لأنه صدر عن تأويل يعذر به صاحبه.[6]
لكنه يقول عن الصحابة الذين اشتركوا في قتل عثمان: الذي ذهب اليه كثير من العلماء أن قتلة عثمان لم يكونوا بغاة، وانما كانوا ظلمة وعاة، لعدم الاعتناء بشبههم، ولأنهم أصروا على الباطل بعد كشف الشبهة وايضاح الحق.[7]
وما قاله مردود عليه فإن "اتضاح الحق" ثابت في معاوية ايضا، لأن الامام علي عليه السلام قد أتم الحجة عليه، بقوله: ألا وإني أدعوكم الى كتاب الله وسنة نبيه وحقن دماء هذه الأمة"[8]
لكن معاوية بادر الى محاربة إمام زمانه فصار من القاسطين فشمله وأصحابه قوله تعالى " وأما القاسطين فكانوا لجهنم حطبا"[9]
إن انحيازهم وعصبيتهم هي التي دفعتهم الى القول بذلك كما قالوا في ابن ملجم، كما ورد عن البيهقي أنه قال: ولا خلاف بين أحد من الأمة أن ابن ملجم قتل عليا متأولاً مجتهدا مقدّراً على أنه على الصواب.[10]
المصادر
[1] . صحيح البخاري، ج4، ص415، ح1005. وصحيح مسلم، ج8، ص186.
[2] . مسند أحمد، ج2، ص161 و164.
[3] . سورة الحجرات، الآية 26.
[4] . سنن البيهقي، ج8، ص 181.
[5] . تفسير القرطبي، ج16، ص317.
[6] . الصواعق، ص328.
[7] . المصدر، ص326.
[8] . تاريخ الطبري، ج4، ص4.
[9] . سورة الجن، الآية 15.
[10] . السنن الكبرى لليهقي، ج8، ص58.