لقد دافع الشيعة وعلمائها من قديم عن القضية الفلسطينية واعتبروا ذلك واجبا دينيا واسلاميا في الدفاع عن المظلومين، عملا بسنة الرسول صلى الله عليه وآله.
لم يبتعد علماء الشيعة ومراجعهم يوما ما عن قضايا الأمة وعلى رأسها قضية فلسطين التي تعاملوا معها باهتمام شديد، نظرا الى أنها الجرح الاعمق النازف في جسد الأمة الاسلامية منذ أكثر من نصف قرن، ونظراً لمكانتها الدينية ووجود القدس والمسجد الأقصى فيها.
فلقد أصدر الشيخ محمد حسين كاشف الغطاء فتوى شرعية بتحريم بيع الاراضي في فلسطين لليهود اعتبر فيها ان "البيع او المساعدة فيه او السعي اليه او السمسرة به، هو حربٌ على الله والنبيّ ومخالفة صريحة للاسلام".[1]
أيضاً أصدر فتوى بالجهاد لتحرير فلسطين وذلك سنة 1938 جاء فيها" فيا ايها العرب ويا ايها المسلمون، أصبح الجهاد واجباً على كل انسان، ومن يستطيع اللحوق بمجاهدي فلسطين بنفسه فليلتحق بهم، واني ضمين أنه كالمجاهدين مع النبيّ في بدر ".
وقام المجتهد الشيعي الكبير السيد محسن الامين، من الشام، بإصدار فتوى على شكل نداء موجهاً الى العالمين العربي والاسلامي لتأييد ثورة وجهاد الشيخ عز الدين القسام في فلسطين سنة 1936 جاء فيه " ايها العرب، ايها المسلمون .. ان اخوانكم في فلسطين قد اقضّ مضاجعهم ما هم فيه من محنة وبلاء.. في كل ناحية دمٌ وقتل وهدمٌ وتدمير .. وان بني أبيكم ليقدمون إقدام الأبيّ ويدافعون دفاع المستميت .. فلا تضنّوا عليهم ببذل التافه الحقير وقد بذلوا الجليل العظيم .. فلا تطيبُ الحياة لحرّ يُضامُ أهلوه و ذوو".[2]
إن الشيعة وعلمائها ساهموا في حمل قضايا الأمة الإسلامية ودافعوا عن مصالحها، بعيدا عن الأطر القومية والمذهبية فعبّروا بذلك عن الروح القيادية والنهج الوطني الأصيل في مواجهة الظلم والإستعمار والمخططات الصهيونية في المنطقة.
فلسطين في فكر الإمام الخميني
وها هي الثورة الاسلامية من بدء الثورة وقبل الثورة قامت بالدفاع عن فلسطين وقد أخذت القضية الفلسطينية في فكر الإمام الراحل الإمام الخميني ونهجه مساحة كبيرة عبر المواقف الإيرانية الثابتة تجاه فلسطين، فتاريخياً ارتبط اسم الإمام الخميني بالقضية الفلسطينية قبيل اندلاع الثورة الإسلامية الإيرانية من خلال إصداره أول فتوى عام 1968، التي حثّ فيها على أهمية تقديم الدعم المالي والإسناد للثورة الفلسطينية، وضمان استمرار جذوة المقاومة والالتحاق بها ضد الاحتلال الإسرائيلي، انطلاقاً من قاعدة أساسية هي أن فلسطين قضية محور الصراع، وأن تحريرها واجب لا يجوز التخلي عنه، وكأنه يرسل رسالة مفادها أن القضية الفلسطينية منذ تلك اللحظة أصبحت جزءاً لا يتجزأ من ثوابت إيران تجاه فلسطين وقضيتها، بإعلانها الانحياز لفلسطين المقاومة.
وفي المقابل، تقوم الدول المسمات بالاسلامية الى الاسراع بالتطبيع مع الصهاينة وتقتدي بالإمارات، وهي السعودية، والبحرين، وسلطنة عمان، والسعودية، والسودان، وموريتانيا.
وقبل يومين تنعقد قمة للدول العربية في القاهرة، بعد القتل الفضيع لأبناء الشعب الفلسطيني، فيقوم عميل الصهيونية المسمى بالأمين العام لهذه الجامعة أحمد أبو الغيظ، فيلقي كلمته الافتتاحية ويصف فيها الجماعات الإسلامية والمقاومة بـ"المليشيات الإرهابية"[3] هذا ودولة مصر ممن يطبع مع الصهاينة ويحاصر المسلمين في غزة إرضاء للكفار والمشركين.
ثم يأتي من يقوم من أنصار حكام العرب ويقول"فلسطين ليست قضيتي" دفاعا عن التطبيع الذي تقوم به الدول العربية، كما ويقوم آخر ممن يتسم بالمسلم وليس بمسلم و يكتب اسمه بالعبرية ويضع علم إسرائيل إلى جانب علم السعودية، ويكتب "فلسطين ليست قضيتي بل السلام قضيتي، السلام يصنعه الشجعان".[4]
وصدق رسول الله صلى الله عليه وآله في حديثه لما قال: صنفان من الناس إذا صلحا صلح الناس وإذا فسدا فسد الناس، العلماء والأمراء.[5] لأن فساد الأمة بفساد الملوك وفساد الملوك لا يكون إلا بفساد العلماء.
المصادر:
[2] . مجلة بقية الله،شذرات من تاريخ جبل عامل (2)،السنة الثالثة عشر العـــــدد 146 الجهــــاد والشهــــادة.
[5] . فيض القدير، المناوي، ج 4، ص 209.