حرمان غزة من أبسط مقومات المعيشة من قِبَل الصهاينة وأذنابهم، قد سبقهم الى هذه السياسة المشركون في بداية الإسلام.
غزة وسياسة الحصار: إنها سياسة قديمة اتخذها الصهاينة والغرب، كان القصد منها المتابعة والتقليد والمحاكاة، سواء في العقائد أو السلوك أو إدارة التجمعات والتنظيمات. إنها سياسة اتبعتها قريش مع الرسول صلى الله عليه وآله، حينما حاصرته[1] في شِعب أبي طالب عليه السلام، ومنعت الطعام والشراب والبيع والشراء والنكاح، ظنا منهم أن حصار المعدة قد يجلب لهم الحلول ويصلون بها إلى مقاصدهم.
فصحيح أن الحصار والتجويع قد يأتي بالأبدان اضطرارا، لكن من المتفق عليه عند العقلاء والحكماء أن الإنسان الحر، لا يُملك أبدا من فراغ بطنه أو فرجه.
أسلوب الحصار والتجويع، قد أعاده وفعله المنافقون مع الرسول صلى الله عليه وآله، حيث قالوا: "لا تُنْفِقُوا عَلَى مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا.. " فرد الله تعالى عليهم بقوله: "وَلِلَّهِ خَزَائِنُ السَّمَاوَاتِ وَالْأَرْضِ وَلَكِنَّ الْمُنَافِقِينَ لَا يَفْقَهُونَ".[2]
تجويع غزة
وغزة اليوم يمارس عليها نفس سياسة التجويع حتى تركع للصهاينة وأذنابهم، لكنها أدارت أزمتها بمهارة وذكاء، فاستعدت للأزمة قبل وقوعها، وبعد وقوعها قلبت الموازين والطاولة على المحاصرين، وإن كانت الخطورة قائمة.
ودفاع المسلمين عن غزة بقدر المستطاع، ليس لأجل مال أو منصب أو جاه، وإنما للحق والقيمة والمبدأ، وما فرضه الإسلام على المسلمين بقول رسولهم العظيم: "من أصبح لا يهتم بأمور المسلمين فليس منهم، ومن سمع رجلا ينادي يا للمسلمين، فلم يجبه فليس بمسلم"[3]
إن ما يواجهه إخوتنا في غزة وفي الأراضي الفلسطينية المحتلة في هذه الأيام، من عدوان صهيوني متواصل قلّ نظيره في التأريخ الحديث، وتعجز الكلمات عن بيان أبعاده الوحشية، فقد عمّ الجميع ولم يسلم منه حتى الشيوخ والنساء والصبيان، وتنوعت أساليبه قتلاً وتعذيباً وترويعاً واعتقالاً وتشريداً وتجويعاً وهتكاً للحرمات، واستباحة للمقدسات، وتخريباً للمدن والمخيمات، وتدميراً للبيوت والمساكن، وبلغ حتى الممانعة من إسعاف الجرحى والمصابين، ودفن أجساد الشهداء، ويجري كل ذلك بمرأى ومسمع من العالم أجمع، ولا مانع ولا رادع، بل إنه يحظى بدعم أمريكي واضح.[4]
المصادر:
[1] . الجامع الصحيح للسنن والمسانيد، صهيب عبد الجبار، ج 14، ص 342 ، بترقيم الشاملة آليا.
[2] . سورة المنافقون، الآية 7- 11.
[3] . مرآة العقول في شرح أخبار آل الرسول، محمد باقر المجلسي، ج9، ص3.
[4] . موقع البيان نقلا عن مكتب السيد السيستاني: https://www.al-binaa.com/archives/383941