تنقسم المخلوقات الى ما يعيش اجتماعيا وما لا يعيش كذلك، وفي النمو والتكامل والغريزة والاختيار، ويُعد الإنسان من أشرف المخلوقات، فينبغي له الحذر في انتخاب الصديق الذي له درو بارز في مستقبله وسعادته.
تعد الحياة الاجتماعية والتواصل بين الأنواع الأخرى، من أهم القضايا التي يمكن العثور عليها بين بعض الكائنات في العالم.
فقد تتمتع بعض الحيوانات مثل النمل والنحل بحياة اجتماعية منتظمة جدًا؛ لدرجة أن مجموعة منها تمتلك سمات خاصة للنهوض بأهدافها الحياتية الغريزية. على سبيل المثال، يمكننا أن نذكر هذه النقطة المثيرة للاهتمام التي توصل إليها بعض علماء الحشرات:
في حياة النحل، لكل نحلة مهمة. مجموعة منها قائمة على الخلية تحافظ عليها، وتقوم بتفتيش وشم كل نحلة تحاول دخول الخلية؛ فإذا جلست نحلة على زهرة ذات رائحة كريهة أو على جثة ميتة بدلاً من استخدام الزهور العطرة، فسوف يُؤمر بإحضارها وفي غمضة عين يُقطع رأسها.[1]
يقول البروفيسور مولوزان - المعروف بأبي علم الحشرات والذي ألف 32 كتاباً عن حياة العناكب - في بحثه: العنكبوت مخلوق، على عكس المخلوقات الأخرى، يحب الحياة الفردية ويتجنب الحياة الاجتماعية.
وغني عن القول أن كائنات العالم، لها هذا النوع من السلوك وأسلوب الحياة، كل ذلك بالغريزة والجبر. لكن الإنسان الذي قُدِّم كأشرف مخلوقات العالم، وله مواهب لامعة مخبأة، ليس فقط يتمتع بصفة الغريزة، بل مختار في إرادته طبق حدوده ومنافعه.
الحياة الاجتماعية
وكما نعلم، فإن جميع الحيوانات غير الانسان لها تكامل جسمي وجنسي، دون أن تتمتع بالنمو والتطور العقلي والروحي، ولم نرى قط حيوانًا يسقط أو يصبح فاسدًا أخلاقيًا بسبب عدم احترام مصالحه الاجتماعية؛ ولكن عالم الانسان فهو حافل لهذه الاشياء، اي ان الفساد و الانحراف محتملا الوقوع في حياته، وكما يمكنه ان يسمو فكذلك يمكن ان ينحدر الى الحضيض، وبعبارة أخرى، يمكن للإنسان أن يصل إلى أعلى وأسمى قمة من السعادة من خلال السير على طريق الإيمان والأخلاق، ويمكنه من خلال عدم مراعاة المبادئ الأخلاقية والاجتماعية والتلوث الفكري والسلوكي، أن يصل إلى أدنى المستويات. كما ورد في القرآن الكريم: "إِنْ هُمْ إِلَّا كَالْأَنْعَامِ ۖ بَلْ هُمْ أَضَلُّ سَبِيلًا ".[2]
لذا فإن من أكثر عوامل وأسباب السقوط والسمو، هي الصداقة، لأن الصداقة يمكن لها أن تمنع الإنسان أحيانًا من التقدم والرُّقي، ويمكن أن ترشده إلى طريق التكامل والنجاح.
إن آثار الصحبة تنتقل إلى الإنسان دون وعي، وتؤثر على الشخص دون قصد.
قال الشاعر:
وصاحب أخا ثقة تحظى بصحبته* فالطبع مكتسب من كل مصحوب
كالريح آخذة مما تمر به * نتناً من النتن أو طيباً من الطيب
ولذلك ينبغي للشباب الأعزاء الذين هم في بداية الحياة، أن يحذروا ويتخذوا الحيطة والحذر، في اختيار الصديق، وقراءة النصائح من أهل التجربة، وهي ما سنشير إليها في المقالات الآتية.
المصادر:
[1] . الإسلام ومتطلبات العصر، الشهيد مرتضى المطهري، ص33.
[2] . سورة الفرقان، الآية 44.