-لاجدال في أن السيدة الصديقة فاطمة الزهراء البتول سلام الله عليها امتلكت من المناعة النفسية ما يهد جبال المغريات الدنيوية هدا، فكانت من أعظم المصاديق للشخصية الكاملة.
يعتقد الشيعة قطعا بعصمة السيدة الزهراء سلام الله عليها، ولا يدخل الجبر أو غيره من الأمور التي قد يُشكل بها على مفهوم العصمة الذي تقول به الشيعة في حق الزهراء وباقي المعصومين سلام الله عليهم، بل إن مفهوم العصمة في المعتقد الشيعي عبارة عن تلك المناعة النفسيّة التي لو قوبلت بكلّ ما يتصور من مغريات العالم من أوله إلى آخره في نقطة معيّنة وقوبلت بالمناعة النفسيّة الموجودة في نفس الإنسان المعصوم، لتغلَّبت تلك المناعة على كل هذه المغريات.[1]
والشيء الذي لاجدال فيه أن السيدة الصديقة فاطمة الزهراء البتول سلام الله عليها امتلكت من المناعة النفسية ما يهد جبال المغريات الدنيوية هدا، فجمعت كل كمال في عالم التكامل والوصول فكانت معصومة من كل زيغ أو درن فهي حجة الله على خلقه، فقد ورد عن الإمام العسكري عليه السلام" نحن حجج الله على الخلائق، وأمنا فاطمة حجة الله علينا".[2]
بعض الأدلة على عصمة الزهراء
ثمة شواهد وأدلة كثيرة على عصمة السيدة الزهراء سلام الله عليها، وسنورد بعضها ضمن العناوين التالية، فنسترض من الأدلة:
أولا: آية التطهير
وهي قوله تعالى: {إِنَّمَا يُرِيدُ اللَّهُ لِيُذْهِبَ عَنكُمُ الرِّجْسَ أَهْلَ الْبَيْتِ وَيُطَهِّرَكُمْ تَطْهِيراً}[3] وتعتبر آية التطهير من مختصات أهل البيت عليهم السلام، فقد أجمع المفسرون على ان هذه الاية نزلت في حق أصحاب الكساء الخمسة وهم النبي صلى الله عليه وآله وسلم وأمير المؤمنين والزهراء والحسن والحسين عليهم السلام. ولايخفى ان الآية واردة في مقام اللطف بهم والامتنان عليهم وحصر الطهارة بهم، واللام الداخلة في كلمة ليذهب تفيد الاستغراق الجنسي أي نفي عموم الرجس وليست هناك قرينة متصلة او منفصلة على تخصيص ذلك بنوع خاص او معين من الرجس، اضافة الى ذلك فإن ما يناسب اللطف الالهي والساحة الربوبية اذهاب عموم الرجس عنهم لا بعضه دون بعض، ومن كل ما تقدم نستفيد عصمتها صلوات الله وسلامه عليها.[4]
ثانيا: حديث الثقلين
لقد أخرج حديث الثقلين بألفاظ مختلفة عند الفريقين وما نقله الشيخ الكليني في الكافي الشريف أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: "إني تارك فيكم أمرين إن أخذتم بهما لن تضلوا: كتاب الله عز وجل وأهل بيتي عترتي، أيها الناس اسمعوا وقد بلغت، إنكم ستردون علي الحوض فأسألكم عما فعلتم في الثقلين والثقلان: كتاب الله جل ذكره وأهل بيتي، فلا تسبقوهم فتهلكوا، ولا تعلموهم فإنهم أعلم منكم".[5]
فإذا كان النبي صلى الله عليه وآله قد قرن بين أهل بيته الأطهار والقرآن الكريم الذي هو معصوم، فإن لازم هذا عصمة أهل البيت وسيدهم الزهراء سلام الله عليها.
ثالثا: حديث البضعة
وقد ورد هذا الحديث في مصادر الفريقين سنة وشيعة بألفاظ مختلفة وهو قول النبي الأكرم صلى الله عليه وآله عن ابنته الزهراء: "إنما فاطمة بضعة مني يؤذيني ما أذاها ويغضبني ما يغضبها".[6] وهذا الحديث دليل آخر على عصمة فاطمة عليها السلام، وذلك لأن النبي صلىالله عليه وآله وسلم معصوم عن الذنب والخطأ والهوى، ولا يرضى أو يغضب إلا لرضا الله سبحانه وغضبه، وعليه فلا يمكن القول بأنه صلىاللهعليهوآلهوسلم يغضب لغضب بضعته، إلا إذا قلنا بعصمتها عن الذنب والخطأ. وقد استدل أعلام الإمامية بهذا الحديث علىٰ عصمة فاطمة عليهاالسلام، قال الشيخ المفيد رحمه الله: "فلولا أن فاطمة عليهاالسلام كانت معصومة من الخطأ، مبرأة من الزلل، لجاز منها وقوع مايجب أذاها به بالأدب والعقوبة، ولو وجب ذلك لوجب أذاها، ولو جاز وجوب أذاها، لجاز أذى رسول الله صلىاللهعليه وآله وسلم والأذى لله عزّ وجل، فلما بطل ذلك، دل على أنها كانت معصومة.[7]
وما نخرج به بعد استعراض هذه الشواهد والأدلة هو أن السيدة الزهراء عليها السلام معيار للحق من الباطل.
___________
المصادر:
[1] الإمامة وقيادة المجتمع، السيد كاظم الحائري، ج 1، ص 81، بتصرف.
[2] الأسرار الفاطمية، الشيخ فاضل المسعودي، ص ١٧.
[3] سورة الأحزاب، الآية 33.
[4] فاطمة الزهراء الحوراء الإنسية، ضياء الجواهري، ص 115، بتصرف.
[5] الكافي، الشيخ الكليني، ج١، ص٢٩٤.
[6] اتحاف السائل بما لفاطمة من المناقب والفضائل، عبد الرؤوف المناوي، ص 59.
[7] سيدة النساء فاطمة الزهراء، علي موسى الكعبي، ص89.