لقمة الحرام التي منشأها المال الحرام لها آثار سيئة على الإنسان وأولاده وماله، حتى عبادته ودعاءه إلى غير ذلك من الآثار التي لا تُعد ولا تُحصر.
كسب المال : لقد تم التأكيد دائمًا في الإسلام بشكل كبير على أنه عندما نريد تناول طعام، يجب أن نحرص على حلاله وحرامه، وأن ننتبه إلى مصدره وكيفية الحصول عليه، لأن تناول المحرمات له آثار سلبية، وإذا كانت اللقمة التي نتناولها نحن وأفراد عائلاتنا محل شبهة، فسيكون لها آثار سيئة على نفسية أطفالنا وجيلنا.
كما ينبغي للمرء أن يحرص على كسب المال، حتى يتم توفير سبل العيش واحتياجات الأسرة بالطريق الحلال. ولهذا السبب، وضعت تعليمات في الفقه الإسلامي وقواعد لمن يبحث عن تجارة أو بيع وشراء، فيتعلم أولاً طرق التجارة الشرعية ثم يذهب إلى السوق ويكسب المال. ويقول الإمام علي عليه السلام في هذا الصدد:" مَنِ اتَّجَرَ بِغَيْرِ فِقْهٍ، فَقَدِ ارْتَطَمَ فِي الرِّبَا".[1]
عواقب أكل المال الحرام
1- فقدان البركة في المال
فقد روي عن الإمام الصادق عليه السلام: "من كسب مالا من غير حله سلط عليه البناء والطين والماء"[2]
2- يمنع قبول العبادة
قَالَ رَسُولُ اَللَّهِ صَلَّى اَللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ في هذا الصدد: "إِذَا وَقَعَتِ اَللُّقْمَةُ مِنْ حَرَامٍ فِي جَوْفِ اَلْعَبْدِ لَعَنَهُ كُلُّ مَلَكٍ فِي اَلسَّمَاوَاتِ وَاَلْأَرْضِ اَلْخَبَرَ بِطُولِهِ".[3]
وقال أيضاً:" اَلْعِبَادَةُ مَعَ أَكْلِ اَلْحَرَامِ كَالْبِنَاءِ عَلَى اَلرَّمْلِ".[4] فالعبادة مع أكل المال الحرام كالبناء على الرمل، فكما أن البناء على الرمل ضعيف الأساس غير ثابت وسينهار قريباً، كذلك المال الحرام، لا يثبت ويذهب هدراً لا يستفيد منه صاحبه.
3- يمنع استجابة الدعاء
من أكل المال الحرام لا يستجاب له الدعاء، يقول رسول الله صلى الله عليه وآله: "مَنْ أَكَلَ لُقْمَةَ حَرَامٍ لَمْ تُقْبَلْ لَهُ صَلاَةٌ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً وَ لَمْ تُسْتَجَبْ لَهُ دَعْوَةٌ أَرْبَعِينَ صَبَاحاً وَ كُلُّ لَحْمٍ يُنْبِتُهُ اَلْحَرَامُ فَالنَّارُ أَوْلَى بِهِ وَ إِنَّ اَللُّقْمَةَ اَلْوَاحِدَةَ تُنْبِتُ اَللَّحْمَ."[5]
4- قساوة القلب
ومن النتائج المهمة للقمة الحرام، قسوة القلب، بحيث لا يكون للنصيحة أو العظة أثر فيه؛ وأقسى معاناة الآخرين لا تؤلم قلبه، ويرفض قبول الحق والخضوع له، لأن الطعام الذي يأكله الإنسان يشبه البذرة التي تزرع في الأرض. فإذا كان ذلك الطعام طاهراً حلالاً ظهر أثره في القلب، ولم يخرج من هذا الإنسان إلا الخير، وإذا كان ذلك الطعام حراماً، خيّم على القلب، فلا تدخل إلى قلبه المواعظ.
وقد أشار الإمام الحسين عليه السلام إلى هذه النقطة يوم عاشوراء مخاطباً جيش يزيد وقال:" فَقَدْ مُلِئَتْ بُطُونُكُمْ مِنَ اَلْحَرَامِ وَطُبِعَ عَلَى قُلُوبِكُمْ"[6]
المصادر:
[1] . نهج البلاغة، الحكمة 447.
[2] . ميزان الحكمة، محمد الريشهري، ج ٤، ص ٢٩٩٢.
[3] . بحار الانوار، محمد باقر المجلسي، ج۱۰۰، ص۱۲.
[4] . المصدر، ج81، ص258.
[5] . المصدر، ج۶۳ ص۳۱۴.
[6] . المصدر، ج45، ص۸.