دلالة رواية أصحابي كالنجوم على عدالة الصحابة

مسألة عدالة الصحابة و حجية قول و فعل الصحابة من المباحث الأساسية التي تنشق منها إختلافات کثیرة بين الشيعة و السنة؛ لذا لو عملنا على حل هذه المسألة، يمكن الوصول إلى نتائج في كثير من المسائل الخلافية.

من جملة الروايات التي يستدل بها أهل السنة على عدالة الصحابة، الرواية المعروفة عن النبي صلى الله عليه و آله و سلم:

مهما أوتيتم من كتاب الله فالعمل به؛ لا عذر لأحدكم في تركه فإن لم يكن في كتاب الله، فسنة مني ماضية فإن لم تكن سنة مني ماضية فما قال أصحابي إن أصحابي بمنزلة النجوم في السماء فأيها أخذتم به إهتديتم و إختلاف أصحابي لكم رحمة. [1]

الخطيب البغدادي بعد إستناده ببعض الروايات و من جملتها هذه الرواية، يقول:

و الأخبار في هذا المعنى تتسع وكلها مطابقة لما ورد في نص القرآن و جميع ذلك يقتضي طهارة الصحابة والقطع على تعديلهم ونزاهتهم.

الشوكاني في كتاب إرشاد الفصول و الفخر الرازي في المحصول و غيرهما إستدلوا بهذه الرواية على عدالة الصحابة. [2]

دلالة هذه الرواية على عدالة الصحابة بهذا الشكل:

أهل السنة يقولون: ما أمر به النبي في إتباع أصحابه للوصول إلى الهداية، صحيح إذا كان الصحابة مهديين و عدولا و إلا كيف يمكن إتباعهم و الإقتداء بهم إن لم يكونوا عدولا؟

دراسة الرواية سندا و دلالة

1.هذه الرواية بكل طرقها، طبقا لما أقر به كبار و علماء أهل السنة ضعيفة. نشير هنا إلى بعض هذه الأقوال:

إبن حجر العسقلاني: و وهن جميع طرقه. [3]

ابوبكر البزار: ليس هذا الكلام صحيحا عن النبي. [4]

الحافظ السخاوي و السيوطي يقولون أن هذا ليس حديثا صحيحا. [5]

شمس الدين الذهبي يحكم عليه بالوضع و يتهم بعض رواة أسانيده. [6]

2.السؤال الذي يطرح هاهنا هو أن النبي صلى الله عليه و آله قال هذا الكلام خطابا لمن؟

لو كان الخطاب موجها إلى الأصحاب، فلا معنى من أن يقول النبي لأصحابه ليقتد بعضكم ببعض؛ لأنه بحسب معتقد أهل السنة كل من كان مخاطَبا للنبي يُعد صحابيا. و لو قيل أن المسلمين في المستقبل هم الذين خاطبهم الرسول بهذا القول، هذا أيضا لا يعقل لأن مقتضى هذا أن النبي كان يخاطب نفسه و كان يمر مثلا من مجلسه رجل، فسمعه من النبي و قام بنقله. لذا فإن خطاب النبي موجه إلى الصحابة و لا يمكن توجيهه.

السؤال المهم الذي يجب أن نطالب أهل السنة بجوابه هو أن لو كان كما تزعمون من أن الصحابة كلهم عدول، فلم لم يعتقد بذلك النبي صلى الله عليه و آله و سلم و الصحابة؛ و لم يَر الصحابة بعضهم البعض عدولا؟

ينقل في كتب أهل السنة عن الصحابة أن نعيمان الصحابي، شرب الخمر و أمر النبي بضربه بالنعل. [7] و أيضا؛ زنى رجل من بني أسلم و أمر النبي صلى الله عليه و آله برجمه. [8] فهل يصح مثلا القول أن النبي و العياذ بالله قد نسي حينئذ أن الصحابة عدول؟

يجب أن نسأل أهل السنة أنه كيف يمكن القول بعدالة كل الصحابة و الحال أن إبن كثير يقول أن عمر بن الخطاب لم يكن ليصلي على أحد من الصحابة بعد موته إلا أن يشهد حذيفة على طهارته من النفاق. [9]

النتيجة

هذه الرواية لا تدل على عدالة الصحابة مطلقا لأن في سندها و دلالتها كلاما.

المصادر

[1] الخطیب البغدادي، الکفایة في علم الروایة، ص48

[2] الخطیب البغدادي، الکفایة في علم الروایة، ص48

[3] الشوکاني، إرشاد الفحول إلی تحقیق الحق من علم الأصول، ج1، ص186

[4] إبن عبدالبر، معرفة أنواع علوم الحدیث، ج2، ص90

[5] السخاوي، المقاصد الحسنة في بیان كثیر من الأحادیث المشتهرة، ج1، ص69

[6] الشوکاني، إرشاد الفحول إلی تحقیق الحق من علم الأصول، ج1، ص186

[7] صحيح البخاري، ج 8، ص 13، ح 6775، كتاب الحدّ

[8] صحیح البخاري، ج 8، ص 22، ح 6820

[9] تفسير إبن كثير، ج 2، ص 399

لمزيد الإطلاع يرجى مراجعة كتاب حقيقة الصحابة لآية الله السيد علي الحسيني الميلاني