مرجعية أهل البيت عليهم السلام في الكتاب العزيز2

02:12 - 2016/08/08

الملخص: إن مرجعية أهل البيت عليهم السلام اما لها أدلة من الكتاب العزيز تدل مباشراً على نصبهم بهذا المقام و اما تدل على خصوصية تستلزم النصب والجعل كالعصمة ونحن بصدد بيان الخصوصيات التي تستلزم هذا المقام

عصمة أهل البيت عليهم السلام

  إن من الآيات الدالة على مرجعية أهل البيت عليهم السلام هي ما دل على خصوصية تستلزم النصب والجعل كالعصمة ومنه قوله تعالى :  (واذ ابتلى إبراهيم ربه بكلمات فأتمهن قال إني جاعلك للناس إماماً قال ومن ذريتي قال لا ينال عهدي الظالمين)[1] .وهذه الآية من تلك الموارد،وحينئذٍ فحتى لو سلمنا بأن الظالم في العرف و اللغة هو خصوص المتلبس بالظلم، فهنا قرينة خاصة تصرف كلمة الظالمين في الآية عن المتلبس بالظلم إلى من سبق منه الظلم وتاب عنه و القرينة هي جلالة شأن إبراهيم عن طلب الإمامة لمن تلبس بالظلم فعلاً. بعد هذا نأتي ونقول: ماهو الظلم؟ ومن هو الظالم؟ الظلم في الاصطلاح الحقوقي هو: العتداء على حقوق الغير. وفي الاصطلاح الغوي هو: مجاوزة الحد ووضع الشيء في غير موضعه[2]. قال الراغب الاصفهاني في المفردات: الظلم عند أهل اللغة وكثير من العلماء ،وضع الشيء في غير موضعه المختص به، إما بنقصان أو بزيادة؛ وإما بعدول عن وقته أو مكانه ، ومن هذا يقال: ظلمت السقاء: إذا تناولته في غيروقته، ويقال فيما يكثروفيما يقل من التجاوز، ولهذا يستعمل في الذنب الكبير، وفي الذنب الصغير،قال بعض الحكماء: الظلم ثلاثة: الأول:ظلم بين الإنسان وبين الله تعالى، وأعظمه الكفر والشرك والنفاق، كذالك قال تعالى:إن الشرك لظلمٌ عظيم[3].
والثاني: ظلم بينه وبين الناس، وإياه قصد بقوله: (وجزاء سيئةٍ سيئةٌ)،إلى قوله تعالى: (إنه لا يحب الظالمين)[4].
والثالث: ظلم بينه وبين نفسه، وإياه قصده بقوله: (فمنهم ظالم لنفسه)[5]، و قوله: (ظلمت نفسي)[6]، (اذ ظلموا أنفسهم)[7]. وكل هذه الثلاثة في الحقيقة ظلم للنفس؛فإن الإنسان في أول ما يهم بالظلم فقد ظلم نفسه،فإذاً الظالم أبداً مبتدئٌ في الظلم، والمعاني الثلاثة للظلم الواردة في القرآن الكريم، منسجمة تمام الإنسجام مع المعني الحقوقي المتداول عنه ، فإن الشرك اعتداء على حق الله، وإتيان المعصية اعتداء على حق النفس في أن تكون نقية بعيدة عن لوث الذنوب والآثام، وحينئذٍ فالاصطلاح القرآني ينطبق مع الاصطلاح القانوني واللغوي. ومن الطبيعي أننا في تفسيرالمفردات القرآنية نعتمد الاصطلاح القرآني باعتباره المراد الجدي الذي يقصده الشارع ويريده. ومقتضي ذلك أن يكون الشخص المنتخب للإمامة ممن لم يرتكب المعاني الثلاثة للظلم، لا في أول حياته ولا في آخرها، وهذا هومعني العصمة ،وبذالك يثبت اشتراط العصمة في الإمام ، وحيث إن  العصمة أمرنفساني ليس لأحد من الناس الإطلاع عليه وإحرازه في شخص ما، لذا تحتاج الإمامة إلى نصب وتعيين سماوي لإحراز من هوالمعصوم وتعريفه إلى الناس. وهذا الستدلال متوقف على مقدمة مطوية، وهي أن الإمامة المقصودة في الآية منصب غير النبوة وغير الرسالة لوضوح أنها أعطيت لإبراهيم عليه السلام في أواخر عمره، يوم كان نبياً ورسولاً وخليلاً، وذلك يتم بقرينة قوله تعالى: ( وإذ ابتلى إبراهيم ربه بكلماتٍ فأتمهن قال إني جاعلك للناس...الخ)[8]. فجعل الإمامة له جاء بعد إتمام كل الإبتلاءات والامتحانات الربانية ، وقد نص القرآن الكريم بعد أن أمرالله سبحانه لإبراهيم عليه السلام بذبح ابنه إسماعيل كان من جملة تلك الإبتلاءات ، بل كان هو البلاء المبين، قال تعالى: ( إن هذا لهو البلاء المبين* و فديناه بذبحٍ عظيم ) [9].[10]
[1] ـ البقرة: 124.
[2] ـ الصحاح الجوهري:5/1977، النهايةلابن الأثير:3/161.
[3] ـ لقمان:13.
[4] ـ الشورى:40.
[5] فاطر:32.
[6] ـ النمل: 44.
[7] ـ النساء:64.
[8] ـ البقرة: 124.
[9] ـ الصافات: 106ـ107.
[10] ـ  المصدرالأصلي:مرجعية أهل البيت عليهم السلام الشاملة لعبدالكريم آل نجف : ص67ـ 76 تحقيق والنشر للمجمع العالمي لأهل البيت عليهم السلام.

Plain text

  • وسوم إتش.تي.إم.إل المسموح بها: <a> <em> <strong> <span> <blockquote> <ul> <ol> <li> <dl> <dt> <dd> <br> <hr> <h1> <h2> <h3> <h4> <h5> <h6> <i> <b> <img> <del> <center> <p> <color> <dd> <style> <font> <u> <quote> <strike> <caption>
  • تتحول مسارات مواقع وب و عناوين البريد الإلكتروني إلى روابط آليا.
  • تفصل السطور و الفقرات تلقائيا.
3 + 0 =
Solve this simple math problem and enter the result. E.g. for 1+3, enter 4.