علي هو الميزان لمعرفة المنافقين

حديث : هذا فاروق أمتي ، وخبر  : ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغضهم عليا، قال عنهما ابن تيمية : " أما هذان الحديثان فلا يستريب أهل المعرفة بالحديث أنهما حديثان موضوعان على النبي صلى الله عليه وسلم ، ولم يرو واحد منهما في شئ من كتب العلم المعتمدة ، ولا لواحد منهما إسناد معروف . . ونحن نقنع في هذا الباب بأن يروى الحديث بإسناد معروفين بالصدق من أي طائفة كانوا . . . كل من الحديثين يعلم بالدليل أنه كذب ، لا تجوز نسبته إلى النبي صلى الله عليه وسلم".[1]

والجواب : أن الجملة المعروفة: ما كنا نعرف المنافقين على عهد رسول الله - صلى الله عليه وآله وسلم - ليس بحديث عن النبي ، وإنما رواه العلامة الحلي عن ابن عمر ، فإن كان ابن تيمية يكذّب روايته عن النبي ، فإن أحدا لم ينسبه إليه ، وإن كان يكذّب بأن يكون ابن عمر أو غيره من الصحابة قد قال هذا الكلام ، فسنثبت بعد قليل أن ابن تيمية هو الكاذب .

أسانيد الحديث

فأما حديث : "هذا فاروق أمتي"  فنقول : هذا الحديث رواه جمع من الصحابة عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ، كسلمان وابن عباس وأبي ذر وحذيفة وأبي ليلى .

و من رواته من أئمة الحديث وحفاظه : الطبراني ، والبزار ، والبيهقي ، وأبو نعيم ، وابن عبد البر ، وابن عساكر ، وابن الأثير ، وابن حجر ، والمحب الطبري ، والمناوي ، والمتقي الهندي .

وأما قول : "ما كنا نعرف المنافقين" فإنه لا يختص بابن عمر ، بل روي أيضا عن : أبي ذر ، وعبد الله بن مسعود ، وعبد الله بن العباس ، وجابر بن عبد الله الأنصاري ، وأبي سعيد الخدري ، وأنس بن مالك ، وغيرهم .

ومن رواته من الأئمة والحفاظ : أحمد ، والترمذي ، والبزار ، والطبراني ، والحاكم ، والخطيب البغدادي ، وأبو نعيم الإصفهاني ، وابن عساكر ، وابن عبد البر ، وابن الأثير ، والنووي ، والهيثمي ، والمحب الطبري ، والذهبي ، والسيوطي ، وابن حجر المكي ، والمتقي الهندي ، والآلوسي . . .

ومن أسانيده ما أخرجه أحمد قال : " حدثنا أسود بن عامر قال : حدثنا إسرائيل ، عن الأعمش ، عن أبي صالح ، عن أبي سعيد الخدري قال : كنا نعرف منافقي الأنصار ببغضهم عليا ".[2] وهؤلاء كلهم من رجال الصحاح . فالسند صحيح .

وايضا أخرجه ابن عبد البر قال : " وروى عمار الدهني ، عن أبي الزبير ، عن جابر ، قال : ما كنا نعرف المنافقين إلا ببغض علي بن أبي طالب "[3] وهذا سند صحيح .

وأخرجه الحاكم بإسناده عن أبي ذر - ضي الله عنه - قال : ما كنا نعرف المنافقين إلا بتكذيبهم الله ورسوله ، والتخلف عن الصلوات ، والبغض لعلي ابن أبي طالب . هذا حديث صحيح على شرط مسلم ولم يخرجاه ".[4]

إذن الحديث والخبر موجودان في مصادر المسلمين، و تكذيب ابن تيمية لهما في غير محله.

المصادر

[1] . منهاج السنة،ج 4 ، ص 286 - 290 .

[2] . مناقب علي من كتاب فضائل الصحابة ، رقم 979 وقال محققه : إسناده صحيح .

[3] - الاستيعاب، ج 3 ، ص 1110 .

[4] . المستدرك، ج 3 ، ص 129 .